للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر ابن دقيق العيد (١) فيه تفصيلًا حاصله أنه يجوز التخصيص به حيث يظهر المعنى، لا حيث يكون خفيًا، فاتباع اللفظ أولى، ولكنه لا يطمئن الخاطر إلى التخصيص به مطلقًا، فالبقاء على [ظواهر] (٢) النصوص هو الأولى، فيكون بيع الحاضر للبادي محرّمًا على العموم وسواء كان بأجرة أم لا؟ وروي عن البخاري (٣) أنه حمل النهي على البيع بأجرة لا بغير أجرة فإنه من باب النصيحة. وروي عن عطاء (٤) ومجاهد (٥) وأبي حنيفة (٦) أنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقًا، وتمسكوا بأحاديث النصيحة، وروي مثل ذلك عن الهادي، وقالوا: إن أحاديث الباب منسوخة، واستظهروا على الجواز بالقياس على توكيل البادي للحاضر فإنه جائز.

ويجاب عن تمسكهم بأحاديث النصيحة بأنها عامة مخصصة بأحاديث الباب.

فإن قيل: إن أحاديث النصيحة وأحاديث الباب [بينها] (٧) عموم وخصوص من وجه، لأن بيع الحاضر للبادي قد يكون على غير وجه النصيحة، فيحتاج حينئذ إلى الترجيح من خارج كما هو شأن الترجيح بين العمومين المتعارضين، فيقال: المراد ببيع الحاضر للبادي الذي جعلناه أخص مطلقًا هو البيع الشرعي،


(١) في إحكام الأحكام (٣/ ١١٥).
(٢) في المخطوط (ب): (ظاهر).
(٣) في صحيحه رقم (٤/ ٣٧٠ رقم الباب ٦٨ - مع الفتح) معلقًا.
(٤) ذكره البخاري في صحيحه في الباب السابق معلقًا. وقال الحافظ في الفتح (٤/ ٣٧١): وصله عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن عثمان - أي ابن خيثم - عن عطاء بن رباح قال: سألته عن أعرابي أبغ له فرخص لي".
(٥) قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ٣٧١): "وأما ما رواه سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: "إنما نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد لأنه أراد أن يصيب المسلمون غرتهم، فأما اليوم فلا بأس، فقال عطاء: لا يصلح اليوم. فقال مجاهد: ما أرى أبا محمد إلا لو أتاه ظئر له من أهل البادية إلا سيبيع له".
فالجمع بين الروايتين عن عطاء أن يحمل على كراهة التنزيه، ولهذا نسب إليه مجاهد ما نسب … " اهـ.
(٦) البناية في شرح الهداية (٧/ ٣٩٢ - ٣٩٣) وشرح معاني الآثار (٤/ ١٢) واللباب في الجمع بين السنة والكتاب (٢/ ٥١٢ - ٥١٤).
(٧) في المخطوط (ب): (بينهما). =

<<  <  ج: ص:  >  >>