للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأنه لا بد من أمر مبين لموضع التحريم في السوم، لأن السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاقًا كما حكاه في الفتح (١) عن ابن عبد البر، فتعين أن السوم المحرّم ما وقع فيه قدر زائد على ذلك.

وأما صورة البيع على البيع والشراء على الشراء، فهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأزيد.

قال في الفتح (١): هذا مجمع عليه.

وقد اشترط بعض الشافعية (٢) في التحريم أن لا يكون المشتري مغبونًا غبنًا فاحشًا، وإلا جاز البيع على البيع والسوم على السوم لحديث: "الدين النصيحة" (٣).

وأجيب عن ذلك بأن النصيحة لا تنحصر في البيع على البيع والسوم على السوم، لأنه يمكن أن يعرّفه أن قيمتها كذا فيجمع بذلك بين المصلحتين، كذا في الفتح (١)، وقد عرفت أن أحاديث النصيحة أعم مطلقًا من الأحاديث القاضية بتحريم أنواع من البيع، فيبنى العام على الخاص.

واختلفوا في صحة البيع المذكور. فذهب الجمهور إلى صحته مع الإثم، وذهبت الحنابلة (٤) والمالكية (٥) إلى فساده في إحدى الروايتين عنهم، وبه جزم ابن حزم (٦)، والخلاف يرجع إلى ما تقرر في الأصول (٧) من أن النهي المقتضي للفساد هو النهي عن الشيء لذاته أو لوصف ملازم لا لخارج.

قوله: (وحلسًا) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام: كساء رقيق يكون تحت برذعة البعير، قاله الجوهري (٨).

والحلس: البساط أيضًا، ومنه حديث: "كن حلس بيتك حتى تأتيك يد


(١) (٤/ ٣٥٤).
(٢) البيان (٥/ ٣٤٨ - ٣٤٩). وانظر: الحاوي الكبير (٥/ ٣٤٤ - ٣٤٥).
(٣) أخرجه مسلم رقم (٩٥/ ٥٥).
(٤) المغني (٨/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٥) التمهيد (١٢/ ٢٦٤).
(٦) المحلى (٨/ ٤٤٨).
(٧) وقد تقدم مرارًا، وانظر: إرشاد الفحول ص ٣٨٦.
(٨) في "الصحاح" (٣/ ٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>