للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى عنه أيضًا أنه يصح البيع بشرط القطع إجماعًا، ولا يخفى ما في دعوى بعض هذه الإجماعات من المجازفة.

وحكى في البحر (١) أيضًا عن زيد بن علي والمؤيد بالله والإمام يحيى وأبي حنيفة والشافعي أنه يصح بيع الثمر قبل الصلاح تمسكًا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ (٢)، قال أبو حنيفة (٣): ويؤمر بالقطع، والمشهور من مذهب الشافعي هو ما قدمنا.

وأما البيع بعد الصلاح فيصح مع شرط القطع إجماعًا، ويفسد مع شرط البقاء إجماعًا إن جهلت المدة، كذا في البحر (٤).

قال الإمام يحيى: فإن علمت صح عند القاسمية إذ لا غرر. وقال المؤيد بالله (٥): لا يصح للنهي عن بيع وشرط.

واعلم أن ظاهر أحاديث الباب وغيرها المنع من بيع الثمرة قبل الصلاح، وأن وقوعه في تلك الحالة باطل كما هو مقتضى النهي.

ومن ادعى أن مجرد شرط القطع يصحح البيع قبل الصلاح فهو محتاج إلى دليل يصلح لتقييد أحاديث النهي، ودعوى الإجماع على ذلك لا صحة لها لما عرفت من أن أهل القول الأول يقولون بالبطلان مطلقًا، وقد عوَّل المجوِّزون مع شرط القطع في الجواز على علل مستنبطة فجعلوها مقيدة للنهي، وذلك مما لا يفيد من لم يسمح بمفارقة النصوص بمجرد خيالات عارضة وشبه واهية تنهار بأيسر تشكيك.

فالحق ما قاله الأولون من عدم الجواز مطلقًا. وظاهر النصوص أيضًا أن البيع بعد ظهور الصلاح صحيح، سواء شرط البقاء أم لم يشرط، لأن الشارع قد جعل النهي ممتدًا إلى غاية بدو الصلاح، وما بعد الغاية مخالف لما قبلها.

ومن ادعى أن شرط البقاء مفسد فعليه الدليل، ولا ينفعه في المقام ما ورد


(١) البحر الزخار (٣/ ٣١٥).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٧٥.
(٣) البناية في شرح الهداية (٧/ ١٧٤) والاختيار (٢/ ٢٤٧).
(٤) البحر الزخار (٣/ ٣١٥).
(٥) البحر الزخار (٣/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>