للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من النهي عن بيع وشرط، لأنه يلزمه في تجويزه للبيع قبل الصلاح مع شرط القطع وهو بيع وشرط.

وأيضًا ليس كل شرط في البيع منهيًا عنه، فإن اشتراط جابر بعد بيعه للجمل أن يكون له ظهره إلى المدينة قد صححه الشارع كما سيأتي، وهو شبيه بالشرط الذي نحن بصدده، وتقدم أيضًا جواز البيع مع الشرط في النخل والعبد لقوله: "إلا أن يشترط المبتاع"، وأما دعوى الإجماع على الفساد بشرط البقاء كما سلف فدعوى فاسدة، فإنه قد حكى صاحب الفتح (١) عن الجمهور أنه يجوز البيع بعد الصلاح بشرط البقاء ولم يحك الخلاف في ذلك إلا عن أبي حنيفة (٢).

وأما بيع الزرع أخضر وهو الذي يقال له: القصيل (٣)، فقال ابن رسلان في شرح السنن: اتفق العلماء المشهورون على جواز بيع القصيل بشرط القطع.

وخالف سفيان الثوري وابن أبي ليلى فقالا: لا يصح بيعه بشرط القطع. وقد اتفق الكل على أنه لا يصح بيع القصيل من غير شرط القطع، وخالف ابن حزم الظاهري (٤) فأجاز بيعه بغير شرط تمسكًا بأن النهي إنما ورد عن السنبل. قال: ولم يأت في منع بيع الزرع مد نبت إلى أن يسنبل نص أصلًا.

وروي عن أبي إسحاق الشيباني (٥) قال: سألت عكرمة عن بيع القصيل فقال: لا بأس، فقلت: أنه يسنبل فكرهه، اهـ. كلام ابن رسلان.

والحاصل: أن الذي في الأحاديث النهي عن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيع السنبل حتى يبيض، فما كان من الزرع قد سنبل أو ظهر فيه الحب كان بيعه قبل اشتداد حبه غير جائز، وأما قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل فإن صدق على بيعه حينئذٍ أنه مخاضرة كما قال البعض: إنها بيع الزرع قبل أن يشتد لم يصح بيعه لورود النهي عن المخاضرة كما تقدم في باب النهي عن بيوع الغرر، لأن التفسير المذكور صادق على الزرع الأخضر قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل،


(١) (٤/ ٣٩٤).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ١٧٣).
(٣) القصيل: هو ما اقتُصِلَ من الزرع أخضر [القاموس المحيط ص ١٣٥٤].
(٤) المحلى (٨/ ٤٠٥).
(٥) ذكره ابن حزم في المحلى (٨/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>