للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر مريدًا به التهديد كقوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ (١)، فكأنه قال: اشترطي لهم الولاء فسيعلمون أن ذلك لا ينفعهم.

ويؤيد هذا ما قاله بعد ذلك: "ما بال رجال يشترطون شروطًا … " إلخ (٢)، فوبخهم بهذا القول: مشيرًا إلى أنه قد تقدم منه بيان إبطاله، إذ لم يتقدم منه ذلك لبدأ ببيان الحكم لا بالتوبيخ لعدم المقتضى له إذ هم متمسكون بالبراءة الأصلية.

وقال الشافعي (٣): إنه أذن في ذلك لقصد أن يعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك ويرتدع به غيرهم، وكان ذلك من باب الأدب.

وقيل: معنى اشترطي اتركي مخالفتهم فيما يشترطونه ولا تظهري نزاعهم فيما دعوا إليه مراعاة لتنجيز العتق لتشوّف الشرع إليه.

وقال النووي (٤): أقوى الأجوبة أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القصة وأن سببه المبالغة في الزجر عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع وهو كفسخ الحج إلى العمرة كان خاصًّا بتلك الحجة مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج، ويستفاد منه ارتكاب أخف المفسدتين إذا استلزم إزالة أشدهما.

وتُعقب بأنه استدلال بمختلف فيه على مختلف فيه.

وتعقبه ابن دقيق العيد (٥) بأن التخصيص لا يثبت إلا بدليل.

وقال ابن الجوزي: ليس في الحديث أن اشتراط الولاء والعتق كان مقارنًا للعقد، فيحمل على أنه كان سابقًا للعقد، فيكون الأمر بقوله: "اشترطي" مجرد وعد ولا يجب الوفاء به.


(١) سورة فصلت، الآية: ٤٠.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٨١ - ٨٢) والبخاري رقم (٢٥٦١) ومسلم رقم (٦/ ١٥٠٤) وأبو داود رقم (٣٩٢٩) والترمذي رقم (٢١٢٤) والنسائي (٧/ ٣٠٥) والبيهقي (١٠/ ٢٩٩ - ٣٠٠، ٣٣٨).
(٣) الأم (١٠/ ١٥٥ - اختلاف الحديث).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٤٠).
(٥) في "إحكام الأحكام" (٣/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>