للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ويشترطوا ما شاؤوا) فيه دليل على أن شرط البائع للعبد أن يكون الولاء له لا يصح، بل الولاء لمن أعتق بإجماع المسلمين.

قوله: (وإن اشترطوا مائة شرط)، قال النووي (١): أي لو شرطوا مائة مرة توكيدًا فالشرط باطل، وإنما حمل ذلك على التوكيد لأن الدليل قد دل على بطلان جميع الشروط التي ليست في كتاب الله فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة، فإنها لو زاد عليها كان الحكم كذلك.

قوله: (واشترطي لهم الولاء) استشكل صدور الإذن منه بشرط فاسد في البيع، واختلف العلماء في ذلك فمنهم من أنكر الشرط في الحديث فروى الخطابي في المعالم (٢) بسنده إلى يحيى بن أكثم أنه أنكر ذلك.

وعن الشافعي في (٣) الأم الإشارة إلى تضعيف هذه الرواية التي فيها الإِذن بالاشتراط لكونه انفرد بها هشام بن عروة دون أصحاب أبيه وأشار غيره إلى أنه روى بالمعنى الذي وقع له وليس كما ظن، وأثبت الرواية آخرون، وقالوا: هشام ثقة حافظ، والحديث متفق على صحته، فلا وجه لرده.

ثم اختلفوا في توجيه ذلك فقال الطحاوي: إن اللام في قوله: لهم، بمعنى على كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ (٤)، وقد أسند هذا البيهقي في المعرفة (٥) عن الشافعي، وجزم به الخطابي (٦) عنه وهو مشهور عن المزني.

وقال النووي (٧): إن هذا تأويل ضعيف، وكذلك قال ابن دقيق العيد (٨): وقال آخرون: الأمر في قوله: "اشترطي" للإباحة، أي: اشترطي لهم أولًا فإن ذلك لا ينفعهم، ويقوي هذا قوله: " [ويشترطوا] (٩) ما شاؤوا"، وقيل: إن النبي قد كان أعلم الناس أن اشتراط الولاء باطل، واشتهر ذلك بحيث لا يخفى على أهل بريرة، فلما أرادوا أن يشترطوا ما تقدم لهم العلم ببطلانه أطلق


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٤٢).
(٢) في معالم السنن (٤/ ٢٤٦ - ٢٤٧).
(٣) الأم (١٠/ ١٥٣ - اختلاف الحديث).
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٧.
(٥) في معرفة السنن والآثار (١٤/ ٤٦٢ رقم ٢٠٧٧٣) والسنن الكبرى (١٠/ ٣٣٩ - ٣٤٠).
(٦) في معالم السنن (٤/ ٢٤٧).
(٧) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٤٠).
(٨) في "إحكام الأحكام" (٣/ ١٦٤ - ١٦٦).
(٩) في المخطوط (أ): (ويشترطون).

<<  <  ج: ص:  >  >>