للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة مالك (١) وأبو حنيفة (٢) وأحمد (٣) والهادوية، وجوَّز ذلك الشافعي (٤) وأصحابه مستدلين على الجواز بما وقع من ألفاظ البيع التي لا يراد بها حصول مضمونه، وطرحوا الأحاديث المذكورة في الباب.

واستدل ابن القيم (٥) على عدم جواز العينة بما روي عن الأوزاعي عن النبي أنه قال: "يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع" (٦).

قال: وهذا الحديث وإن كان مرسلًا فإنه صالح للاعتضاد به بالاتفاق وله من المسندات ما يشهد له، وهي الأحاديث الدالة على تحريم العينة، فإنه من المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعًا وقد اتفقا على حقيقة الربا الصريح قبل العقد ثم غير اسمها إلى المعاملة وصورتها إلى التبايع الذي لا قصد لهما فيه البتة، وإنما هو حيلة ومكر وخديعة لله تعالى، فمن أسهل الحيل على من أراد فعله أن يعطيه مثلًا ألفًا إلا درهمًا باسم القرض ويبيعه خرقة تساوي درهمًا بخمسمائة درهم.

وقوله : "إنما الأعمال بالنيات" (٧)، أصل في إبطال الحيل، فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفًا بألف وخمسمائة؛ إنما نوى بالإقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر. أنه ثمن الثوب فهو في الحقيقة أعطاه ألفًا حالَّةً بألفٍ وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محلِّلًا لهذا المحرَّم.

ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حرِّم الربا لأجلها، بل يزيدها قوّة وتأكيدًا من وجوهٍ عديدة.

(منها) أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان [والحكام] (٨)


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ١٤٣).
(٢) شرح فتح القدير (٦/ ٣٩٨).
(٣) المغني (٦/ ٢٦٢).
(٤) الأم (٤/ ١٦٠ - ١٦١).
(٥) في "إعلام الموقعين" (٥/ ٨٠).
(٦) أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٢١٨) بسند معضل، فهو ضعيف.
(٧) أخرجه أحمد (١/ ٢٥) والبخاري رقم (١) ومسلم رقم (١٩٠٧) وأبو داود رقم (٢٢٠١) والنسائي رقم (٧٥) وابن ماجه رقم (٤٢٢٧) وهو حديث صحيح.
(٨) في المخطوط (ب): الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>