للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُحَلِّلُوا أبي، فأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبِيّ حائِطِي وَقَالَ: "سَنَغْدُو عَلَيْكَ"، فَغَدَا عَلَيْنَا حينَ أصْبَحَ، فَطافَ فِي النَّخلِ وَدَعا فِي ثَمْرِها بالبَرَكَةِ، فَجدَدْتُها فَقَضَيْتُهُمُ وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِها. [صحيح]

وفِي لَفْظٍ: أنْ أباهُ تُوُفِي وَتَرَكَ عَلَيْه ثَلاثِينَ وسقًا لِرَجلٍ مِن الْيَهُودِ، فاسْتَنظَرَهُ جابِر فأبى أنْ يَنْظِرَهْ، فَكَلَّمَ جابِر رَسُولَ الله يَشْفَعَ لَهَ إلَيْه، فَجاء رَسُولُ الله وكَلَّمَ اليَهُودِيّ ليأخُذَ ثَمَرَةَ نَخْله بالَّذي لهُ فأبَى، فَدَخَلَ النَّبِيّ النَّخْلَ فَمَشَى فِيها ثُمَّ. قالَ لِجابِرٍ: "جُدَّ لَهُ فأوْف لَهُ الَّذِي لَهُ"، فَجَدهُ بَعْدَ ما رَجَعَ رَسولُ الله فأوْفَاهُ ثَلاثِينَ وَسْقًا وَفَضَلَتْ سَبْعَةُ عَشَرَ وَسْقًا. رَوَاهُمَا البُخارِي) (١). [صحيح]

قوله: (فجددتها) بالجيم ودالين مهملين (٢)، والجداد (٣): صرام النخل.

والحديث فيه دليل على جواز المصالحة بالمجهول عن المعلوم، وذلك لأن النبي سأل الغريم أن يأخذ ثمر الحائط وهو مجهول القدر في الأوساق التي له وهي معلومة، ولكنه ادّعى في البحر (٤) الإجماع على عدم الجواز فقال ما لفظه: "مسألة: ويصح بمعلوم عن معلوم إجماعًا، ولا يصح بمجهول إجماعًا ولو عن معلوم، كأن يصالح بشيء عن شيء، أو عن ألف بما [يَكْسَبُهُ] (٥) هذا العام"، اهـ.

فينبغي أن ينظر في صحة هذا الإجماع، فإن الحديث مصرِّح بالجواز.

وقال المهلب (٦): لا يجوز عند أحد من العلماء أن يأخذ من له دينُ تمرٍ تمرًا مجازفة بدينه لما فيه من الجهل والغرر، وإنما يجوز أن يأخذ مجازفة في حقه أقل من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي. اهـ.

وهكذا قال الدمياطي (٦).

وتعقَّبهما ابن المنيِّر (٦) فقال: بيع المعلوم بالمجهول مزابنة، فإن كان تمرًا نحوه فمزابنة وربا، لكن اغتفر ذلك في الوفاء.


(١) البخاري في صحيحه رقم (٢٣٩٥ و ٢٣٩٦).
(٢) كذا في المخطوط (أ) و (ب)، بينما في المطبوع (مهملتين).
(٣) النهاية (١/ ٢٤٠). صرام النخل: هو قطع ثمرتها، ويقال: جدَّ الثمرة يجدُّها جَدًّا.
(٤) البحر الزخار (٥/ ٩٥).
(٥) في المخطوط (ب): (كسبه).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>