للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتبعه الحافظ (١) على ذلك فقال: إنه يغتفر في القضاء من المعاوضة ما لا يغتفر ابتداء، [لأن بيع] (٢) الرطب بالتمر لا يجوز في غير العرايا، ويجوز في المعاوضة عند الوفاء، قال: وذلك بين في حديث الباب. اهـ.

والحاصل أن هذا الحديث مخصص للعمومات المتقدمة في البيع القاضية بوجوب معرفة مقدار كل واحد من البدلين المتساويين جنسًا وتقديرًا.

فيجوز القضاء مع الجهالة إذا وقع الرضا.

ويؤيد هذا حديث أم سلمة (٣) السالف، فإنها وقعت فيه المصالحة بمعلوم عن مجهول والمواريث الدارسة تطلق على الأجناس الربوية وغيرها، فهو يقضي بعمومه أنها تجوز المصالحة مع جهالة أحد العوضين وإن كان المصالح به والمصالح عنه ربويين، ولكن لا بد من وقوع التحليل كما هو مصرح به في الحديثين.

وقد استدل المقبلي في "الأبحاث" (٤) بهذا الحديث على جواز صرف الفضة بالفضة مع التصريح بتطييب الزائد، وأنه لا يلزم من ذلك إبطال المقصد الشرعي في الربا، لأن كل حيلة توصل بها إلى السلامة من الإثم فهي جائزة، وإنما المحرم الحيلة التي توصل بها إلى إبطال مقصد شرعي، قال: فعلى هذا يجوز الصرف للقروش بالمحلقة وهما ضربتان كبيرة وصغيرة ونحو ذلك مما دعت الضرورة إليه.

قال: ولنحو ذلك رخص في بيع العرية، وإلا فكان يمكن بيع التمر بالدراهم ثم شراء رطب بالدراهم، أما لو كان الغرض طلب التجارة والأرباح كالصيارفة فلا يجوز إلى آخر كلامه.

وصرح أيضًا بأنه لا حاجة في الصرف إلى تكلف شراء سلعة ثم بيعها كما في حديث تمر الجمع والجنيب (٥) السالف، قال (٦): لأن ذلك يلحق


(١) في "الفتح" (٥/ ٦٠).
(٢) في المخطوط (ب): (لا بيع).
(٣) تقدم برقم (٢٣٢٤) من كتابنا هذا.
(٤) في "الأبحاث المسددة في فنون متعددة" (ص ٢٨٥ - ٢٨٧).
(وبحوزتي صورة لمخطوط الأبحاث المسددة في فنون متعددة).
(٥) تقدم برقم (٢٢٤٨) من كتابنا هذا.
(٦) أي الناصر كما في "الأبحاث" ص ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>