للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالممتنع للضرورة إليه في أكثر الأحوال وغالبها ففيه غاية المشقة.

وأنت خبير بأن الحديث ورد على خلاف ما تقتضيه الأصول، فلا يجوز أن يجاوز به مورده وهو صورة القضاء، فلا يصح القياس، وهذا على فرض عدم صحة الإجماع على خلاف ما يقتضيه الحديث.

فإن صح فالعمل به في تلك الصورة المخصوصة لا يجوز، فكيف يصح إلحاق غيرها بها؟ وأيضًا خبر القلادة (١) السالف مشعر بعدم جواز بيع الفضة بالفضة، وإن وقعت المراضاة والمباراة، فهذا القياس الذي عول عليه فاسد الاعتبار، فإن قال: إن صرف الدراهم بالقروش يحتاج إليه كل أحد وتدعو الضرورة إليه، بخلاف بيع الفضة التي ليست بمضروبة بمثلها، فنقول: هذا تخصيص بمجرد الحاجة والمشقة، ومثل ذلك لا ينتهض لتخصيص النصوص، ولا سيما مع إمكان التخلص عن تلك الورطة بأن يشتري بأحد البدلين عينًا ويبيعها بالنقد الآخر كما أرشد إليه الشارع في قضية تمر الجمع والجنيب، فإن بهذه الوسيلة تنتفي الضرورة الحاملة على ارتكاب ما لا يحل، ولو كان مجرد حصول المشقة مجوزًا لمخالفة الدليل ومسوغًا للمحرم لكان في ذلك معذرة لمن لا رغبة له في القيام بالواجبات، لأن كثيرًا منها مصحوب بالمشقة كالحج والجهاد ونحوهما.

٤/ ٢٣٢٧ - (وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله : "مَنْ كانَتْ عنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أنْ لَا يَكُونَ دِينارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ لَهُ عَمَل صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ"، رَوَاهُ البُخارِيُّ (٢)، وكَذَلَكَ أحَمدُ (٣) والتِّرْمِذِيُّ (٤)


(١) تقدم برقم (٢٢٥٠) من كتابنا هذا.
(٢) في صحيحه رقم (٢٤٤٩).
(٣) في المسند (٢/ ٥٠٦).
(٤) في سننه رقم (٢٤١٩) وقال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (٢٣٢١) والبغوي في الجعديات رقم (٢٨٦٨) والطحاوي في شرح مشكل الآثار رقم (١٨٧) و (١٨٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٦٩) والبغوي في شرح السنة، وأبو يعلى رقم (٦٥٣٩) و (٦٥٩٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>