للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاجته، ولكنه لا يخفى أن إطلاق الأحاديث قاض بعدم اعتبار [عدم تضرر] (١) المالك، ولكنه يجب على من يريد الغرز أن يتوقى الضرر بما أمكن، فإن لم يمكن إلا بإضرارٍ وجب على الغارز إصلاحه، وذلك كما يقع عند فتح الجدار لغرز الجذوع.

وأما اعتبار حاجة الغارز إلى الغرز فأمر لا بد منه.

قوله: (ما لي أراكم عنها معرضين)، أي: عن هذه المقالة التي جاءت بها السنة، أو عن هذه الوصية أو الموعظة.

قوله: (والله لأرمين بها بين أكتافكم) بالتاء الفوقية، أي: لأقرعنكم بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته.

قال القاضي عياض (٢) وابن عبد البر (٣): وقد رواه بعض رواة الموطأ (٤) (أكنافكم) بالنون، والكنف: الجانب، ونونه مفتوحة، والمعنى لأصرخن بها بين جماعتكم ولا أكتمها أبدًا.

وقال الخطابي (٥): معناه إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلنها: أي الخشبة على رقابكم كارهين، أراد بذلك المبالغة.

وفي تعليق القاضي حسين (٦) أن أبا هريرة قال ذلك حين كان متوليًا بمكة أو المدينة، وكأنَّه قال له لما رآهم توقفوا عن قبول هذا الحكم كما وقع في رواية لأبي داود (٧): "أنهم نكسوا رؤوسهم لما سمعوا ذلك".

قوله: ([لا ضرر] (٨) ولا ضرار)، هذا فيه دليل على تحريم الضرار على أي صفة كان من غير فرق بين الجار وغيره، فلا يجوز في صورة من الصور إلا بدليل يخص به هذا العموم، فعليك بمطالبة من جوز المضارة في بعض الصور


(١) في المخطوط (ب): (عدم الضرر).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٣١٨).
(٣) التمهيد (١٣/ ١٥١، ١٥٢ - الفاروق).
(٤) في الموطأ (٢/ ٧٤٥ رقم ٣٢) ولكن فيه (أكْتَافِكُم) بالتاء.
(٥) في أعلام الحديث (٢/ ١٢٢٨).
(٦) في شفاء الأوام (٣/ ٣٧).
(٧) في سننه رقم (٣٦٣٤).
(٨) في المخطوط (ب): (لا ضرَّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>