للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجمهور: إنه يشترط إذن المالك ولا يجبر صاحب الجدار إذا امتنع، وحملوا النهي على التنزيه جمعًا بينه وبين الأدلة القاضية بأنه "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" (١).

وتعقب بأن هذا الحديث أخص من تلك الأدلة مطلقًا فيبنى العام على الخاص.

قال البيهقي: لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا يستنكر أن يخصها، وحمل بعضهم الحديث على ما إذا تقدم استئذان الجار كما وقع في رواية لأبي داود (٢) بلفظ: "إذا استأذن أحدكم أخاه".

وفي رواية لأحمد (٣): "من سأله جاره".

وكذا في رواية لابن حبان (٤)، فإذا تقدم الاستئذان لم يكن للجار المنع إلا إذا لم يتقدم.

قوله: (في جداره) الظاهر عود الضمير إلى المالك؛ أي: في جدار نفسه؛ وقيل: الضمير يعود على الجار الذي يريد الغرز؛ أي: لا يمنعه من وضع خشبه على جدار نفسه وإن تضرر به من جهة منع الضوء مثلًا.

ووقع لأبي عوانة (٥) من طريق زياد بن سعد عن الزهري أنه يضع جذع على جدار نفسه ولو تضرر به جاره.

والظاهر الأول، ويؤيده قوله في حديث ابن عباس (٦): "في حائط جاره"، وكذلك قوله في الحديث الآخر (٧): "فاجْعَلْ اسْطوَانًا دون جداري".

قيل: وهذا الحكم مشروط عند القائلين بأنه يجب ذلك على الجار بحاجة من يريد الغرز إليه وعدم تضرر المالك، فإن تضرر لم يقدم حاجة جاره على


(١) تقدم تخريجه خلال شرح الحديث (٢٣١٥) من كتابنا هذا.
(٢) في سننه رقم (٣٦٣٤).
(٣) في المسند (٢/ ٤٦٣).
(٤) في صحيحه رقم (٥١٥).
(٥) في المسند (٣/ ٤١٨ رقم ٥٥٤٣).
(٦) تقدم برقم (٢٣٣٠) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٢٣٣١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>