للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أحمد بن حنبل (١): يجوز إجارة الأرض بجزء من الخارج منها إذا كان البذر من رب الأرض، حكى ذلك عنه الحازمي (٢).

واعلم أنه قد وقع لجماعة لا سيما من المتأخرين اختباط في نقل المذاهب في هذه المسألة حتى أفضى ذلك إلى أن بعضهم يروي عن العالم الواحد الأمرين المتناقضين، وبعضهم يروي قولًا لعالم آخر ويروي عنه نقيضه، ولا جرم فالمسألة باعتبار اختلاف المذاهب فيها وتعيين راجحها من مرجوحها من المعضلات.

وقد جمعت فيها رسالة مستقلة (٣)، وسيأتي تحقيق ما هو الحق، وتفصيل بعض المذاهب، والإشارة إلى حجة كل طائفة ودفعها.


(١) المغني (٧/ ٥٦٢).
(٢) في "الاعتبار" (ص ٤١٤).
(٣) الرسالة رقم (١٢٢) من "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (٨/ ٣٨٤٥ - ٣٨٦٧) بعنوان "بحث في المخابرة" بتحقيقي.
والرسالة رقم (١٢٣) من "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (٨/ ٣٨٦٩ - ٣٨٩١) بعنوان "رسالة في المخابرة" بتحقيقي.
• وبعد أن ذكر الشوكاني في الرسالة الأولى رقم (١٢٢) الأقوال السبعة في هذه المسألة وأدلتها قال: "والذي ظهر للحقير، أسير التقصير، تحريمُ كل مخابرة لم تقع على تلك الصفة التي فعلها رسولُ الله في خيبر، لأنها قد وردت في كل نوع منها أدلةٌ قاضية بالمنع، ولم يعارِضها معارض؛ فتحرُمُ المخابرة المفسَّرةُ ببيع الكدسِ بكذا وكذا للنهي الواقع عنها، ولأنها أيضًا نوع من الربا، ولم يقم دليل يقضي بجوازها.
وتحرم أيضًا المخابرة التي اشترطَ فيها المالكُ أن يبهون له هذه، وللعامل هذه، لما في حديث رافع، ولا يعارضَهُ ما وقع منه في خيبر، لأنه وقع على نحوٍ مخالفٍ له.
وتحرم أيضًا المخابرةُ بما يكون على السواقي والماذياناتِ وأقبال الجداول ونحوها لما وقع في حديث سعدٍ ورافع.
وتحرمُ أيضًا المخابرةُ بالثلثِ والربع إذا انضمَّ إليها اشتراطُ ثلاثِ جداولَ، وما يسقي الربيعُ لما في حديث رافع أيضًا. ولا يعارضه ما وقع منه في أراضي خيبر لِخُلُوِّهِ عن الاشتراط. وجميع هذه الأنواع خارجةٌ عن تلك المعاملةِ الواقعةِ منه ، ولم يقم دليل على جوازها.
ويبقى الإشكالُ في تأجير الأرضِ بشطر معلومٍ من الثمرة من ثلثٍ، أو ربعٍ، أو نحوه؛ فالأحاديثُ الواردةُ في النهي المفسرة بالثلث والربع يقضي بالمنع منها، وفعلُه في خيبرَ يقضي بجوازها، والقولُ بأنَّ الجوازَ منسوخٌ يأباه موتُه على تلك المعاملةِ، واستمرارُ جماعة من الصحابة عليها، وكذلك القولُ بأنَّ النَّهي عنها منسوخٌ يأباه صدورُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>