للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيصلح التمسك بهذا المذهب لمن قال: إن المنهي عنه إنما هو هذا النوع ونحوه من المزارعة.

وقد حكى في الفتح (١) عن الجمهور أن النهي محمول على الوجه المفضي إلى الغرر والجهالة، لا عن إكرائها مطلقًا حتى بالذهب والفضة.

قال (٢): ثم اختلف الجمهور في جواز إكرائها بجزء مما يخرج منها، فمن قال بالجواز حمل أحاديث النهي على التنزيه.

قال (٢): ومن لم يجز إجارتها بجزء مما يخرج قال: النهي عن إكرائها محمول على ما إذا اشترط صاحب الأرض ناحية منها، أو شرط ما ينبت على النهر لصاحب الأرض لما في كل ذلك من الغرر والجهالة، اهـ.

قوله: (فأما الورق فلم ينهنا) لا منافاة بين هذه الرواية وبين الرواية الثانية، أعني قوله: "فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذٍ"، لأن عدم النهي عن الورق لا يستلزم وجوده ولا وجود المعاملة به.

وفي رواية عن رافع عند البخاري (٣) أنه قال: "ليس بها بأس بالدينار والدرهم".

قال في الفتح (٤): يحتمل أن يكون رافع قال ذلك باجتهاده، ويحتمل أن يكون علم ذلك بطريق التنصيص على جوازه، أو علم أن النهي عن كري الأرض ليس على إطلاقه، بل بما إذا كان بشيء مجهول ونحو ذلك، فاستنبط من ذلك جواز الكري بالذهب والفضة، ويرجح كونه مرفوعًا ما أخرجه أبو داود (٥) والنسائي (٦) بإسناد صحيح عنه قال: "نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض، ورجل منح أرضًا، ورجل اكترى أرضًا بذهب أو فضة".


(١) في "الفتح" (٥/ ٢٥).
(٢) أي: الحافظ في "الفتح" (٥/ ٢٥).
(٣) في صحيحه رقم (٢٣٤٦، ٢٣٤٧).
(٤) (٥/ ٢٦).
(٥) في سننه رقم (٣٤٠٠).
(٦) في سننه رقم (٣٨٩٠) وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>