للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (من اقتطع) فيه استعارة شبه من أخذ ملك غيره ووصله إلى ملك نفسه بمن اقتطع قطعة من شيء يجري فيه القطع الحقيقي.

وأحاديث الباب تدل على تغليظ عقوبة الظلم والغصب، وأن ذلك من الكبائر، وتدل على أن تخوم الأرض تملك، فيكون للمالك منع من رام أن يحفر تحتها حفيرة.

قال في الفتح (١): إن الحديث يدلّ على أن من ملك أرضًا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض، وله أن يمنع من حفر تحتها سربًا أبو بئرًا بغير رضاه، وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة وأبنية ومعادن وغير ذلك، وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره.

وفيه أن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها من بعض؛ لأنها لو فتقت لاكتفى في حق هذا الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها، أشار إلى ذلك الداودي.

وفيه أن الأرضين السبع أطباق كالسموات، وهو ظاهر قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ (٢) خلافًا لمن قال: إن المراد بقوله: "سبع أرضين" سبعة أقاليم؛ لأنه لو كان كذلك لم يطوق الغاصب شبرًا من إقليم آخر، قاله ابن التين (٣)، وهو والذي قبله مبني على أن العقوبة متعلقة بما كان سببها وإلا فمع قطع النظر عن ذلك لا تلازم بين ما ذكروه. اهـ.

٨/ ٢٤٣١ - (وَعَنِ الأشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أن رَجُلًا مِنْ كِنْدَة وَرَجُلًا مَنْ


(١) (٥/ ١٠٥).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (١٢).
قال ابن كثير في تفسيره (١٤/ ٤٤): "أي سبعًا. ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع وخالف القرآن والحديث بلا مستند.
وأخرج الطبري في "جامع البيان" (١٤/ ج ٢٨/ ١٥٤) عن قتادة قال: قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾، خلق سبع سموات وسبع أرضين، في كل سماء من سمائه، وأرض من أرضه، خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه".
وإسناده حسن.
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>