للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ضامن على أهلها) أي: مضمون على أهلها.

وفي حديث البراء (١): "وإن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وإن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل"، وقد استدل بذلك من قال: إنه لا يضمن مالك البهيمة ما جنته بالنهار ويضمن ما جنته بالليل، وهو مالك (٢) والشافعي (٣) والهادوية.

وذهب أبو حنيفة (٤) وأصحابه إلى أنه لا ضمان على أهل الماشية مطلقًا. واحتجوا بقوله : "جرحها جبار" (٥) ولا شك أنه عموم مخصوص بحديث حرام بن محيصة (١) والنعمان بن بشير (٦).

قال الطحاوي (٧): إلا أن تحقيق مذهب أبي حنيفة أنه لا ضمان إذا أرسلها مع حافظ، وأما إذا أرسلها من دون حافظ ضمن انتهى، ولا دليل على هذا التفصيل.

وذهب الليث (٨) وبعض المالكية إلى أنه يضمن مالكها ما جنته ليلًا أو نهارًا، وهو إهدار للدليل العام والخاص.

وروي عن عمر (٩) أنه لا يضمن ما أتلفته مما لا يقدر على حفظه، ويضمن


= وعمدة من رأى الضمان فيما أفسدت ليلًا ونهارًا شهادة الأصول له، وذلك أنه تعدّ من المرسل، والأصول على أن المتعدي الضمان، ووجه من فرق بين المنفلت وغير المنفلت بيِّن، فإن المنفلت لا يملك.
فسبب الخلاف في هذا الباب معارضة الأصل للسمع، ومعارضة السماع بعضه لبعض، أعني: أن الأصل يعارض "جرح العجماء جبار" ويعارض أيضًا التفرقة التي في حديث البراء، وكذلك التفرقة التي في حديث البراء تعارض أيضًا قوله: "جرح العجماء جبار". اهـ.
وانظر: "المغني" (١٢/ ٥٤١ - ٥٤٣) والبيان للعمراني (٧/ ٦١) وبدائع الصنائع (٧/ ١٦٨).
(١) تقدم برقم (٢٤٣٩) من كتابنا هذا.
(٢) بداية المجتهد (٤/ ١٤٩ - ١٥١).
(٣) البيان (٧/ ٦١) والأم (١٠/ ٣١٧ - اختلاف الحديث).
(٤) بدائع الصنائع (٧/ ١٦٨).
(٥) تقدم برقم (٢٤٣٧) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (٢٤٤٠) من كتابنا هذا.
(٧) في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٠٣).
(٨) بداية المجتهد (٤/ ١٥٠).
(٩) "جناية الحيوان: الحيوان الذي ارتكب الجناية إن كان قد حظره صاحبه في مكان له =

<<  <  ج: ص:  >  >>