للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلمين وطرقهم ومجامعهم كما يدل عليه حديث النعمان بن بشير.

قوله: (الرِّجْل) بكسر الراء وسكون الجيم، يعني أنه لا ضمان فيما جنته الدابة برجلها، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك بسبب من مالكها؛ كتوقيفها في الأسواق والطرق والمجامع وطردها في تلك الأمكنة كما يدل على ذلك حديث النعمان، وبشرط أن لا يكون ذلك في الأوقات التي يجب على المالك حفظها فيها كالليل.

وهذا الحديث وإن كان فيه المقال المتقدم ولكنه يشهد له ما في الحديث المتفق عليه (١) من قوله : "جرحها جبار"، فإن عمومه يقتضي عدم الفرق بين جنايتها برجلها أو بغيرها، والكلام في ذلك مبسوط في الكتب الفقهية (٢).


(١) تقدم تخريجه برقم (١٤/ ٢٤٣٧) من كتابنا هذا.
(٢) قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (٤/ ١٤٩ - ١٥٢) بتحقيقي: "واختلف العلماء في القضاء فيما أفسدته المواشي والدواب على أربعة أقوال:
(أحدها): أن كل دابة مرسلة فصاحبها ضامن لما أفسدته.
(والثاني): أن لا ضمان عليه.
(والثالث): أن الضمان على أرباب البهائم بالليل، ولا ضمان عليهم فيما أفسدته بالنهار.
(والرابع): وجوب الضمان في غير المنفلت، ولا ضمان في المنفلت.
وممن قال يضمن بالليل ولا يضمن بالنهار: (مالك) و (الشافعي). وبأن لا ضمان عليهم أصلًا قال أبو حنيفة وأصحابه. وبالضمان بإطلاق قال الليث، إلا أن الليث قال: لا يضمن أكثر من قيمة الماشية. والقول الرابع مروي عن عمر .
• فعمدة مالك والشافعي في هذا الباب شيئان:
(أحدهما): قوله تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء: ٧٨] والنفش عند أهل اللغة لا يكون إلا بالليل، وهذا الاحتجاج على مذهب من يرى أنا مخاطبون بشرع من قبلنا.
(والثاني): مرسله عن ابن شهاب "أن ناقة للبراء بن عازب … " الحديث تقدم برقم (٢٤٣٩) من كتابنا هذا نيل الأوطار وهو صحيح.
• وعمدة أبي حنيفة قوله : "العجماءُ جُرْحُها جبار" - تقدم برقم (٢٤٣٧) من كتابنا هذا نيل الأوطار وهو صحيح - وقال الطحاوي: وتحقيق مذهب أبي حنيفة أنه لا يضمن إذا أرسلها محفوظة، فأما إذا لم يرسلها محفوظة فيضمن. والمالكية تقول: من شرط قولنا أن تكون الغنم في المسرح، وأما إذا كانت في أرض مزرعة لا مسرح فيها فهم يضمنون ليلًا ونهارًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>