للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ترد] (١) عليه، ولكنه ينبغي تقديم الأخفّ فالأخف، فلا يعدل المُدافع إلى القتل مع إمكان الدفع بدونه، ويدل على ذلك أمره بإنشاد الله قبل المقاتلة، وكما تدل الأحاديث المذكورة على جواز المقاتلة لمن أراد أخذ المال؛ تدلّ على جواز المقاتلة لمن أراد إراقة الدم، والفتنة في الدين، والأهل.

وحكى ابن المنذر عن الشافعي (٢) أنه قال: من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله المقاتلة، وليس عليه عقل ولا دية ولا كفارة.

قال ابن المنذر (٣): والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلمًا بغير تفصيل، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه. انتهى.

ويدلّ على عدم لزوم القَوَد والدية في قتل من كان على الصفة المذكورة ما ذكرنا من حديث أبي هريرة.

وحمل الأوزاعي (٣) أحاديث الباب على الحالة التي للناس فيها إمام.

وأما الحالة الفرقة والاختلاف فليستسلم المبغيّ على نفسه أو ماله ولا يقاتل أحدًا.

قال في الفتح (٤): ويرد عليه حديث أبي هريرة عند مسلم، يعني: حديث الباب (٥)، وأحاديث الباب مصرحة بأن المقتول دون ماله ونفسه وأهله ودينه شهيد، ومقاتله إذا قتل في النار؛ لأن الأول محق والثاني مبطل.

قوله: (دون ماله) قال القرطبي (٦): دون في أصلها ظرف مكان بمعنى تحت، [وتستعمل] (٧) للخلفية على المجاز. ووجهه أن الذي يقاتل عن ماله غالبًا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه. اهـ. ولكنه يشكل على هذا قوله في


(١) في المخطوط (أ): (يرد).
(٢) "الأم" للشافعي (٧/ ٧٨) والبيان (١٢/ ٦٩ - ٧٠).
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٢٤).
(٤) (٥/ ١٢٤).
(٥) تقدم برقم (١٨/ ٢٤٤١) من كتابنا هذا.
(٦) في "المفهم" (١/ ٣٥٢).
(٧) في المخطوط (ب): (ويستعمل).

<<  <  ج: ص:  >  >>