للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به)، فيه دليل على ثبوت الشفعة للشريك الذي لم يؤذنه شريكه بالبيع، وأما إذا أعلمه الشريك بالبيع فأذن فيه فباع ثم أراد الشريك أن يأخذه بالشفعة، فقال مالك (١) والشافعي (٢) وأبو حنيفة والهادوية (٣) وابن أبي ليلى والبتي وجمهور أهل العلم (٤): إن له أن يأخذه بالشفعة ولا يكون مجرد الإذن مبطلًا لها.

وقال الثوري والحكم وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث: ليس له أن يأخذه بالشفعة بعد وقوع الإذن منه بالبيع (٥).

وعن أحمد (٦) روايتان كالمذهبين.

ودليل الآخرين مفهوم الشرط، فإنه يقتضي عدم ثبوت الشفعة مع الإيذان من البائع.

ودليل الأولين الأحاديث الواردة في شفعة الشريك والجار من غير تقييد.

وهي منطوقات لا يقاومها ذلك المفهوم.

ويجاب بأن المفهوم المذكور صالح لتقييد تلك المطلقات عند من عمل بمفهوم الشرط من أهل العلم والترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وقد أمكن هاهنا بحمل المطلق على المقيد.


(١) التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ١٢٩).
(٢) البيان للعمراني (٧/ ١٠٩).
(٣) البحر الزخار (٤/ ٧).
(٤) قال ابن قدامة في "المغني" (٧/ ٥١٤): "وجملةُ ذلك أن الشفيعَ إذا عَفَا عن الشفعة قبل البيع، فقال: قد أذِنتُ في البيع، أو قد أسقطتُ شفعتي، أو ما أشبه ذلك لم تسقط، وله المطالبةُ بها متى وُجِدَ البيعُ.
هذا ظاهر المذهب - أي مذهب الحنابلة - وهو مذهب مالكٍ، والشافعي والبَتِّيِّ، وأصحاب الرأي". اهـ.
(٥) قال ابن قدامة في "المغني" (٧/ ٥١٥): "وهذا قول الحكم، والثوري، وأبي عُبيد وأبي خيثمة، وطائفة من أهل الحديث.
قال ابن المنذر: وقد اختلف فيه عن أحمد، فقال مرة: تبطُلُ شفعتُه، وقال مرة: لا تبطل". اهـ.
(٦) المغني (٧/ ٥١٤ - ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>