للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيد تعريف الثلاث ما رواه عبد الرزاق (١) عن أبي سعيد: "أن عليًا جاء إلى النبي بدينار وجده في السوق، فقال النبي : "عرّفه ثلاثًا"، ففعل فلم يجد أحدًا يعرفه، فقال: "كله". اهـ.

وينبغي أيضًا أن يقيد مطلق الانتفاع المذكور في حديث الباب بالتعريف بالثلاث المذكور، فلا يجوز للملتقط أن ينتفع بالحقير إلا بعد التعريف به ثلاثًا حملًا للمطلق على المقيد، وهذا إذا لم يكن ذلك الشيء الحقير مأكولًا، فإن كان مأكولًا جاز أكله ولم يجب التعريف به أصلًا كالتمرة ونحوها لحديث أنس (٢) المذكور؛ لأن النبي قد بيّن أنه لم يمنعه من أكل التمرة إلا خشية أن تكون من الصدقة، ولولا ذلك لأكلها.

وقد روى ابن أبي شيبة (٣) عن ميمونة زوج النبي أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت: لا يحب الله الفساد.

قال في الفتح (٤): يعني أنها لو تركتها فلم تؤخذ فتؤكل لفسدت.

قال (٥): وجواز الأكل هو المجزوم به عند الأكثر. اهـ.

ويمكن أن يقال: إنه يقيد حديث التمرة بحديث التعريف ثلاثًا كما قيد به حديث الانتفاع ولكنها لم تجر للمسلمين عادة بمثل ذلك، وأيضًا الظاهر من قوله : "لأكلتها"؛ أي في الحال ويبعد كل البعد [أن] (٦) يريد لأكلتها بعد التعريف بها ثلاثًا.

وقد اختلف أهل العلم في مقدار التعريف بالحقير، فحكى في البحر (٧) عن


= طلب الشيء. وتكون (الرخصة) بمعنى الترخيص، ومنه قوله : "فاقبلوا رخصة الله".
ومنه قول أم عطية: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا".
[انظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٤٨٢) ونهاية السول (١/ ٨٩٨) وتيسير التحرير (٢/ ٢٢٨، ٢٣٢)].
(١) في "المصنف" رقم (١٨٦٣٧).
(٢) تقدم برقم (٢٤٦٠) من كتابنا هذا.
(٣) في "المصنف" (٧/ ٤٥٩).
(٤) (٥/ ٨٦).
(٥) أي: الحافظ في "الفتح" (٥/ ٨٦).
(٦) في المخطوط (ب): (أنه).
(٧) البحر الزخار (٤/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>