للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (يؤتيه من يشاء) استدل به من قال: إن الملتقط يملك اللقطة بعد أن يعرف بها حولًا وهو أبو حنيفة (١) لكن بشرط أن يكون فقيرًا، وبه قالت الهادوية (٢)، واستدلوا على اشتراط الفقر بقوله في هذا الحديث: "فهو مال الله" قالوا: وما يضاف إلى الله إنما يتملكه من يستحق الصدقة، وذهب الجمهور (٣) إلى أنه يجوز له أن يصرفها في نفسه بعد التعريف سواء كان غنيًا أو فقيرًا لإطلاق الأدلة الشاملة للغني والفقير كقوله: "فاستمتع بها"، وفي لفظ: "فهي كسبيل مالك" (٤). وفي لفظ: "فاستنفقها" (٥) وفي لفظٍ: "فهي لك" (٦) وأجابوا عن دعوى أن الإضافة تدل على الصرف إلى الفقير بأن ذلك لا دليل عليه، فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله، قال الله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ (٧).

قوله: (لا يأوي الضالَّة) إلخ، في نسخة "يؤوي" وهو مضارع آوى بالمدّ، والمراد بالضالّ من ليس بمهتد؛ لأن حقّ الضالّة أن يعرّف بها، فإذا أخذها من دون تعريف كان ضالًّا، وسيأتي بقية الكلام على هذ في آخر الباب.

قوله: (أعرف عفاصها ووكاءها) الغرض من هذه المعرفة معرفة الآلات التي تحفظ فيها اللقطة، ويلتحق بما ذكر حفظ الجنس والصفة والقدر، وهو الكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن، والزرع فيما يزرع.

وقد اختلفت الروايات، ففي بعضها: معرفة العفاص والوكاء قبل التعريف، كما في الرواية المذكورة في الباب (٨).

وفي بعضها: التعريف مقدم على معرفة ذلك كما في رواية للبخاري (٩) بلفظ: "عرّفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها".

قال النووي (١٠): يجمع بين الروايتين بأن يكون مأمورًا بالمعرفة في حالتين؛


(١) بدائع الصنائع (٦/ ٢٠٢) والمبسوط (١١/ ٥).
(٢) البحر الزخار (٤/ ٢٨٤).
(٣) المغني (٨/ ٢٩٩).
(٤) مسلم في صحيحه رقم (١٠/ ١٧٢٣).
(٥) مسلم في صحيحه رقم (٣/ ١٧٢٢).
(٦) مسلم في صحيحه رقم (٦/ ١٧٢٢).
(٧) سورة النور، الآية: (٣٣).
(٨) برقم (٢٤٦٣) من كتابنا هذا.
(٩) في صحيحه رقم (٢٤٢٩).
(١٠) في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>