للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حصل من مجموع الروايات ثلاثة أحوال:

(الأول): أن يقول: أعمرتكها ويطلق، فهذا تصريح بأنها للموهوب له، وحكمها حكم المؤبدة لا ترجع إلى الواهب، وبذلك قالت الهادوية (١) والحنفية (٢) والناصر (٣) ومالك (٤)؛ لأن المطلقة عندهم حكمها حكم المؤبدة، وهو أحد قولي الشافعي (٥) والجمهور (٦)، وله قول آخر: أنها تكون عارية ترجع بعد الموت إلى المالك.

وقد قضى رسول الله بأن المطلقة للمعمر ولورثته من بعده كما في أحاديث الباب.

(الحال الثاني): أن يقول: هي لك ما عشت فإذا متَّ رجعتْ إليَّ، فهذه عاريةٌ [مؤقتة] (٧) ترجع إلى المعْمِر عند موت المُعْمَرِ، وبه قال أكثر العلماء (٨) ورجحه جماعة من الشافعية (٩)؛ والأصح عند أكثرهم لا ترجع إلى الواهب (١٠).

واحتجُّوا بأنَّه شرط فاسد فيلغى، واحتجوا بحديث جابر الأخير (١١): "فإن النبي حكم على الأنصاري الذي أعطى أمه الحديقة حياتها أن لا ترجع إليه بل تكون لورثتها".

ويؤيد هذا الحديث الرواية التي قبله أن النبي قضى في العمرى مع الاستثناء بأنها لمن أعطيها.

ويعارض ذلك ما في حديث جابر أيضًا المذكور في الباب (١٢) بلفظ: "فأمَّا إذا قلت: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها"، ولكنه قال معمر: كان


(١) البحر الزخار (٤/ ١٤٤).
(٢) البناية في شرح الهداية (٩/ ٢٥٩ - ٢٦٠).
(٣) البحر الزخار (٤/ ١٤٤).
(٤) عيون المجالس (٤/ ١٨٣٤).
(٥) البيان للعمراني (٨/ ١٣٨).
(٦) المغني لابن قدامة (٨/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
(٧) في المخطوط (ب): (موقوتة).
(٨) المغني لابن قدامة (٨/ ٢٨٢).
(٩) البيان للعمراني (٨/ ١٣٩) والمهذب (٣/ ٧٠٠ - ٧٠١).
(١٠) البيان للعمراني (٨/ ١٣٩) والمهذب (٣/ ٧٠٠ - ٧٠١).
(١١) تقدم برقم (٢٤٩٣) من كتابنا هذا.
(١٢) تقدم برقم (٢٤٩٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>