للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب إلى جواز الوقف ولزومه جمهور العلماء (١).

قال الترمذي (٢): لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافًا في جواز وقف الأرضين. وجاء عن شريح (٣) أنه أنكر الحبس. وقال أبو حنيفة (٤): لا يلزم وخالفه جميع أصحابه إلا زفر.

وقد حكى الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال: لو بلغ أبا حنيفة لقال به.

واحتج الطحاوي (٥) لأبي حنيفة بأن قوله : "حبس أصلها" لا يستلزم التأبيد، بل يحتمل أن يكون أراد مدة اختياره.

قال في الفتح (٦): ولا يخفى ضعف هذا التأويل، ولا يفهم من قوله: "وقفت وحبست" إلا التأبيد حتى يصرح بالشرط عند من يذهب إليه، وكأنه لم يقف على الرواية التي فيها: "حبس ما دامت السموات والأرض".

قال القرطبي (٧): رادّ الوقف مخالف للإجماع فلا يلتفت إليه (٨)، انتهى.

ومما يؤيد [هنا] (٩) ما ذهب إليه الجمهور (١٠) حديث: "أما خالد فقد حبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله"، وهو متفق عليه (١١). وقد تقدم في الزكاة (١٢).

ومن ذلك حديث أبي هريرة المذكور في أول الباب (١٣)، فإن قوله: "صدقة جارية" يشعر بأن الوقف يلزم ولا يجوز نقضه، ولو جاز النقض لكان الوقف صدقة منقطعة، وقد وصفه في الحديث بعدم الانقطاع.

ومن ذلك قوله : "لا يباع ولا يوهب ولا يورث" ما تقدم (١٤)، فإن هذا منه بيان لماهية التحبيس التي أمر بها عمر، وذلك يستلزم لزوم الوقف وعدم جواز نقضه، وإلا لما كان تحبيسًا، والمفروض أنه تحبيس.


(١) المغني لابن قدامة (٨/ ١٨٤ - ١٨٦).
(٢) في السنن (٣/ ٦٦٠).
(٣) أخرجه عنه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/ ٢٥١ رقم ٩٧٢).
(٤) في المبسوط (١٢/ ٢٧) وبدائع الصنائع (٦/ ٢١٨).
(٥) في شرح معاني الآثار (٤/ ٩٥).
(٦) (٦) (٥/ ٤٠٣).
(٧) في "المفهم" (٤/ ٦٠٠).
(٨) انظر: موسوعة الإجماع (٢/ ١١٣٩ رقم ١).
(٩) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(١٠) المغني (٨/ ١٨٥).
(١١) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٢٢) والبخاري رقم (١٤٦٨) ومسلم رقم (١١/ ٩٨٣).
(١٢) في الباب الثاني عند الحديث رقم (١٥٦٧) من كتابنا هذا.
(١٣) تقدم برقم (٢٥٠٤) من كتابنا هذا.
(١٤) تقدم برقم (٢٥٠٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>