ويعترض على ذلك بأن التشابه نادر فلا يبنى عليه الحكم، وإن تشابه الخط كتشابه الأصوات والصور؛ وإن كشف التزوير ممكن لأهل الخبرة والفطنة والاختصاص، الذين يعرفون الخطوط ويميزون الأصلي من المقلد، وخط كل كاتب يتميز عن خط غيره، كتمييز صورته وصوته. [انظر: "الطرق الحكمية" (ص ٢٠٧)]. ٢ - الكتابة قد تكون للتجربة واللعب والتسلية فلا يعتبر حجة ودليلًا للآخر لعدم القصد وتوجيه الإرادة نحوها، والقاعدة الفقهية تقول: العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني. وهذا دليل مستغرب ومستبعد أن يجرب الإنسان خطه، أو يمارس اللعب والتسلية بكتابة الحقوق إثبات الديون للآخرين وهو احتمال هزيل. والقاعدة التي ذكرت حجة عليهم لا لهم. ٣ - تنحصر في الإقرار والبينة والنكول، وأن الكتابة ليست من أدلة الإثبات. والكتابة زيادة على النص والزيادة على النص نسخ عند الحنفية، أو هو اعتبار لما ليس من الدين فهو حدث وبدعة. ويعترض على ذلك بأن الكتابة وسيلة لإبلاغ الشريعة إلى الملوك والرؤساء، وقد أمر القرآن بالكتابة والتوثيق بها. وعمل بها الرسول الأعظم، وأمر صحابته بتعلم الكتابة من أسرى بدر واتخذ الكتَّاب لكتابة الوحي وكتابة الرسائل والأحكام إلى عماله وأمرائه وولاته. وقبلها المسلمون واستعملوها في حياتهم دون إنكار، سواء ذلك في رواية الحديث، وتلقي العلم وكتابة الأحكام الشرعية وفي المعاملات والقضاء وجميع شؤون الدولة. (ب) القول الثاني: أن الكتابة باعتبارها وسيلة من وسائل الإثبات مشروعة؛ ذهب إلى ذلك المالكية، وأحمد في رواية بعض السلف. [تبصرة الحكام (١/ ٣٥٦)، و"الطرق الحكمية" (ص ٢٠٧)]. ومن أدلتهم على ذلك: ١ - من الكتاب: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]. وسواء كان الأمر للفرض أو الندب، فالآية تقرر اعتبار الكتابة وثيقة في المعاملات، وفائدة ذلك الاعتماد على تلك الوثيقة عند الإنكار والجحود، والاحتجاج بها أمام القاضي. ٢ - من السنة: حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري رقم (٢٤٣٤)، ومسلم رقم =