للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك بالوصية، لثبوت الخبر فيها دون غيرها من الأحكام.

قال الحافظ (١): وأجاب الجمهور بأنَّ الكتابة ذكرت لما فيها من ضبط المشهود به، قالوا: ومعنى قوله: "وصيته مكتوبة عنده"، أي: بشرطها.

وقال المحبُّ الطبري (٢): إضمار الإشهاد فيه بعدٌ.

وأجيب: بأنَّهم استدلُّوا على اشتراط الإشهاد بأمرٍ خارجٍ، كقوله تعالى:


= (٤٤٧/ ١٣٥٥) الذي ثبت فيه أمره الكتابة لأبي شاه.
[وانظر: "زاد المعاد" (٣/ ٧) و"الأموال" لأبي عبيد (ص ٣٨١) وفتح الباري (١٣/ ١٤١)].
٣ - من المعقول: أن الكتابة الخطاب، والكتابة أشدُّ دلالة على جزم الإرادة؛ لأن الإنسان قد يتلفظ سهوًا، وينطق خطأً، وقد يسبقه لسانه وقد يتكلم مزحًا وهزلًا. أما الكتابة فإن العقل والفكر متجهان نحوها اتجاهًا جازمًا ويتأمل بما يكتبه، ويفكر في دلالته ومعناه ومقصوده، ولذلك قال الحنفية والمالكية: إن الكتابة المستبينة المعنوية صريحة الدلالة، خلافًا للشافعية، فقالوا: إن الكتابة كناية، وقد قال الحنابلة: الكتابة صريحة إلا في النكاح والطلاق.
[المجموع (٩/ ١٧٧) و"الطرق الحكمية" (ص ٢٠٧)].
الراجح والله أعلم:
القول بمشروعية الكتابة في إثبات الحقوق لقوة الأدلة، ولحاجة الناس إلى استعمالها واللجوء إليها، ولأن القول بعدم حجية الكتابة في الإثبات يؤدي إلى الحرج والمشقة في المعاملات بين الناس فتتعطل مصالحهم وتضييع حقوقهم وأموالهم لعدم تيسير الشهود دائمًا ....
• وقال ابن تيمية: والعمل بالخط مذهب قوي بل هو قول جمهور السلف.
["مختصر الفتاوى المصرية" لابن تيمية (ص ٦٠١، ٦٠٨) "والطرق الحكمية" (ص ١٠)].
• وقال الشوكاني في "بحث في العمل بالخط ومعاني الحروف العلمية النقطية" رقم الرسالة (١٤٩) ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (٩/ ٤٦٥٣ - ٤٦٥٤) بتحقيقي: "وحاصل الأمر أنَّه لا شكَّ أنَّ العمل بالخط على الوجه المعتبر شريعة قائمة، وسنة متبعة، وإجماع صحيح.
ولكن هذا الخط هو الخط الذي تقوم به الحجةُ عند الترافع والتخاصم أو عند الاختلاف في الرواية ولا تقوم الحجة بالإجماع إلا بخط معروف من ثقةٍ معروف لا يتطرَّق إليه وهم، ولا يعتريه احتمالُ زيادةٍ، أو نقصانٍ، أو تحريفٍ، أو تغيير، أو تبديل". اهـ.
(١) في "الفتح" (٥/ ٣٥٩).
(٢) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>