للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والطبراني في الكبير (١)، والضياءُ في المختارة، وهو في مسند أحمد (٢) بهذا الإسناد؛ فإنَّه قال: حدثنا عفَّان فذكره.

وفيه دليل على تقديم إخراج الدَّين على ما يحتاج إليه من نفقة أولاد الميّت ونحوها، ولا أعلم في ذلك خلافًا. وهكذا يقدم الدين على الوصية.

قال في الفتح (٣): ولم يختلف العلماءُ في أن الدَّين يقدَّم على الوصيَّة إلا في صورةٍ واحدةٍ، وهي: ما لو أوصى لشخصٍ بألفٍ مثلًا، وصدَّقهُ الوراثُ، وحكم به، ثم ادعى آخر أن له في ذمة الميت دينًا يستغرق موجوده وصدَّقهُ الوارثُ، ففي وجهٍ للشافعيَّة أنَّها تقدَّم الوصيةُ على الدين في هذه الصورة الخاصة.

وأما تقديمُ الوصيَّة على الدَّين في قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (٤)، فقد قيل في ذلك: إن الآية ليس فيها صيغة ترتيب، بل المراد أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وإنفاذ الوصية، وأتى بأو للإباحة، وهي كقولك: جالس زيدًا أو عمرًا: أي لك مجالسة كل واحد منهما اجتمعا أو افترقا. وإنما قدمت لمعنى اقتضى الاهتمام بتقديمها. واختلف في تعيين ذلك المعنى.

وحاصل ما ذكره أهلُ العلم من مقتضيات التقديم ستةُ أمور:

(أحدها): الخفَّة والثقل، كربيعة ومضر، فمضر أشرف من ربيعة، لكن لفظ ربيعة لما كان أخفّ قُدِّم في الذكر، وهذا يرجع إلى اللفظ.

(ثانيها): بحسب الزمان، كعادٍ وثمود.

(ثالثها): بحسب الطبع، كثلاثٍ ورباعٍ.

(رابعها): بحسب الرتبة كالصلاة والزكاة؛ لأن الصلاة حقُّ البدن، والزكاة حقّ المال، فالبدن مقدَّم على المال.

(خامسها): تقديم السبب على المسبب كقوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (٥) وقال بعض السلف: عزَّ فلما عزَّ حكم.


(١) (٦ رقم ٥٤٦٦).
(٢) في المسند (٥/ ٧).
(٣) (١٣/ ٢٠٨).
(٤) سورة النساء، الآية: (١٢).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>