للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سادسها): بالشرف والفضل، كقوله [تعالى] (١): ﴿مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ﴾ (٢) وإذا تقرر ذلك فقد ذكر السهيلي: أن تقديم الوصية في الذكر على الدين؛ لأنَّ الوصية إنما تقع على سبيل البرِّ والصلة؛ بخلاف الدين، فإنَّه إنما يقع غالبًا بعد الميت بنوع تفريطٍ، فوقعت البداءةُ بالوصية لكونها أفضلَ.

وقال غيره: قدَّمت الوصيةُ لأنها شيءٌ يؤخذ بغير عوضٍ، والدَّين يؤخذ بعوض، فكان إخراج الوصية أشقّ على الوارث من إخراج الدَّين، وكان أداؤها مظنة [التفريط] (٣)، بخلاف الدين فمن الوارث مطمئن بإخراجه، فقدمت الوصية لذلك، وأيضًا فهي حظ فقير ومسكين غالبًا، والدين حظ غريم يطلبه بقوة وله مقال، كما صح عنه أنه قال: "إن لصاحب الدين مقالًا" (٤)، وأيضًا فالوصية ينشئها الموصى من قبل نفسه فقدِّمت تحريضًا على العمل بها بخلاف الدين.

قال الزين بن المنير (٥): تقديمُ الوصية في الذِّكر على الدَّين لا يقتضي تقديمها في المعنى؛ لأنهما معًا قد ذُكِرا في سياق البعدية، لكنَّ الميراث يلي الوصية ولا يلي الدّين في اللفظ، بل هو بعدَ بعدِه، فيلزم: أنَّ الدّين يُقَدّم في الأداء باعتبار القبلية فَيُقَدّم الدين على الوصية في اللفظ وباعتبار البعدية فَتُقَدّم الوصيةُ على الدين. اهـ.

وقد أخرج أحمد (٦) والترمذي (٧) وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي [عليه سلام الله ورضوانه] (٨) قال: "قَضَى محمد : أن الدَّين قبل الوصية، وأنتم تقرءون الوصيةَ قبل الدين".


(١) ما بين الخاصرتين سقط من (أ).
(٢) سورة النساء، الآية: (٦٩).
(٣) في المخطوط (ب): (للتفريط).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٢٣٩٠) ومسلم رقم (١٢٠/ ١٦٠١).
(٥) ذكره الحافظ في الفتح" (٥/ ٣٧٨).
(٦) في المسند (١/ ٧٩).
(٧) في سننه رقم (٢٠٩٥) و (٢١٢٢).
قلت: وأخرجه الحميدي رقم (٥٥) و (٥٦) وأبو يعلى رقم (٣٠٠).
كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور عن علي، به.
إسناده ضعيف لضعف الحارث الأعور، ولكن الحديث حسن، والله أعلم.
(٨) في المخطوط (أ): .

<<  <  ج: ص:  >  >>