للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل النووي (١) أيضًا عن القاضي (٢) عياض أنه أجمع العلماء على أنه لا يجب إعتاق بشيء مما يفعله المولى من مثل هذا الأمر الخفيف، يعني اللطم المذكور في حديث سويد بن مقرن.

قال (٣): واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع من ضرب مبرح لغير موجب أو تحريق بنار أو قطع عضو أو إفساده أو نحو ذلك؛ فذهب مالك (٤) والأوزاعي (٤) والليث (٤) إلى عتق العبد بذلك ويكون ولاؤه له ويعاقبه السلطان على فعله، وقال سائر العلماء (٥): لا يعتق عليه. اهـ.

وبهذا يتبين أن الإجماع الذي أطلقه النووي مقيد بمثل ما ذكره القاضي عياض (٢).

واعلم: أن ظاهر حديث ابن عمر الذي ذكرناه يقتضي أن اللطم والضرب يقتضيان العتق من غير فرق بين القليل والكثير والمشروع وغيره، ولم يقل بذلك أحد من العلماء.

وقد دلت الأدلة على أنه يجوز للسيد أن يضرب عبده للتأديب، ولكن لا يجاوز به عشرة أسواط.

ومن ذلك حديث: "إذا ضرب أحدكم خادمه فليجتنب الوجه" (٦)، فأفاد أنه يباح ضربه في غيره، ومن ذلك الإذن لسيد الأمة بحدها، فلا بد من تقييد مطلق الضرب الوارد في حديث ابن عمر هذا بما ورد من الضرب المأذون به، فيكون الموجب للعتق هو ما عداه.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ١٢٧).
(٢) في إكمال المعلم (٥/ ٤٢٨).
(٣) القاضي عياض في المرجع السابق (٥/ ٤٢٨).
(٤) الاستذكار (٢٣/ ١٦٠ رقم ٣٣٩٢٢).
(٥) الاستذكار (٢٣/ ١٦٠ رقم ٣٣٩٢٩ و ٣٣٩٣٠).
(٦) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٤٣٤).
وابن أبي عاصم في السنة رقم (٥٢٠) وابن خزيمة في "التوحيد" (١/ ٨٢ - ٨٣ و ٨٣) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد رقم (٧١٥) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص ٢٩١) والخطيب في "تاريخ بغداد" (٢/ ٢٢٠ - ٢٢١).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>