للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رجح رواية سعيد للسعاية، ورفعها جماعة منهم ابن دقيق العيد (١)، قالوا: لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه، وإن كان همام وهشام أحفظ منه، لكنه لم يناف [ما روياه] (٢)، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، ولهذا صحح صاحبا الصحيحين كون الجميع مرفوعًا.

قال في الفتح (٣): وأما ما أُعِلَّ به حديثُ سعيدٍ من كونه اختلط، أو تفرَّد به فمردودٌ لأنه في الصحيحين (٤) وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع ووافقه عليه أربعة وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم، وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل (٥)، وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه، فإنه جعله واقعة عين، وهم جعلوه حكمًا عامًا، فدل على أنه لم يضبطه كما ينبغي.

والعجيب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همام جعله من قول قتادة، ولم يطعن فيما يدل على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر (٦): "وإلا فقد عتق منه ما عتق" بكون أيوب جعله من قول نافعٍ، وميزه كما صنع همَّام سواءً، فلم يجعلوه مدرجًا كما جعلوا حديث همَّام مدرجًا مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك، وهمَّام لم يوافقه أحدٌ، وقد جزم بكون حديث نافع مدرجًا محمدُ بن وضَّاح وآخرون.

والذي يظهر: أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقًا لصاحبي الصحيح.

[قال] (٧) ابن الموَّاق (٨): والإنصاف: أن لا يُوَهَّم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتي به، فليس بين تحديثه به مرَّةً وفتياه أخرى منافاةٌ.


(١) في إحكام الأحكام (٤/ ٢٦٠ - ٢٦١).
(٢) في المخطوط (ب): (ما رواه).
(٣) الفتح (٥/ ١٥٨).
(٤) البخاري رقم (٢٤٩٢) ومسلم رقم (٥٤/ ١٥٠٣) وقد تقدم.
(٥) أخرجه الدارقطني (٤/ ١٢٧ رقم ١٨) والبيهقي (١٠/ ٢٨٢) وقد تقدم.
(٦) تقدم تخريجه برقم (١٠/ ٢٦٠٠) من كتابنا هذا.
(٧) في المخطوط (ب): (وقال).
(٨) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>