للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالتحريم إن كان لأجل الأدلة القاضية بالتحريم ففيها ما عرفت من المقال السالف، وإن كان لأجل الإجماع المدّعى ففيه ما عرفت، وكيف يصحّ الاحتجاج بمثل ذلك والخلاف ما زال منذ أيام الصحابة إلى الآن.

وقد تمسك القائلون بالجواز بحديثي جابر (١) المذكورين وحديث سلامة (٢)، وقد عرفت أن حديثي جابر ليس فيهما ما يدلّ على اطلاع النبي على البيع وتقريره كما تقدم عن البيهقي (٣).

وأيضًا قوله: "فلا ترى بذلك بأسًا" الرواية فيه بالنون التي للجماعة، ولو كانت بالياء التحتية لكان فيه دلالة على التقرير.

وأما حديث سلامة (٢) فدلالته على عدم الجواز أظهر، لأن النبي نهاهم عن البيع وأمرهم بالإعتاق وتعويضهم عنها ليس فيه دليل على أنه كان يجوز بيعها لاحتمال أنه عوّضهم لما رأى من احتياجهم، وهذه المسألة طويلة الذيل.

وقد أفردها ابن كثير (٤) بمصنف مستقل.

وحكى عن الشافعي (٥) فيها أربعة أقوال.

وذكر أن جملة ما فيها من الأقوال للعلماء ثمانية، ولا شك أن الحكم بعتق أمّ الولد مستلزم لعدم جواز بيعها، فلو صحت الأحاديث القاضية بأنها تصير حرّة بالولادة لكانت دليلًا على عدم جواز البيع ولكن فيها ما سلف، والأحوط اجتناب


(١) تقدما برقم (٢٦١٨) و (٢٦١٩) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٢٦٢٠) من كتابنا هذا.
(٣) في السنن الكبرى (١٠/ ٣٤٨).
(٤) قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٨/ ٢٣٠ - هجر): "وقد أفْرَدنا لهذه المسألةِ، وهي بيعُ أمَّهات الأولادِ، مصنفًا مفردًا على حدَتِهِ، وحكَينا فيه أقوالَ العلماءِ بما حاصلُه يرجِعُ إلى ثمانيةِ أقوالٍ، وذكرنا مستندَ كلِّ قولٍ، ولله الحمدُ والمنَّةُ". اهـ.
• واعلم أن الدكتور مسعود الرحمن خان الندوي وضع في كتابه: "الإمام ابن كثير" هذا المصنف "بيع أمهات الأولاد" تحت عنوان: المؤلفات المفقودة. (ص ١٤٠ - ١٤٢).
(٥) انظر: "المجموع" للنووي (٩/ ٤٤٢ - ٤٤٣) والبيان للعمراني (٥/ ٥٧ - ٥٨).
وانظر أيضًا: "المغني" لابن قدامة (١٤/ ٥٨٤ - ٥٨٩ رقم ٢٠١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>