للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقبه الحافظ (١) بأن في بعض طرق الحديث أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع. ولعائشة يومئذٍ ستّ عشرة سنة.

واحتجوا أيضًا بحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه (٢): "أنه أمرها أن تعتدّ في بيت ابن أمّ مكتوم وقال: إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده".

ويجاب بأنه يمكن ذلك مع غضّ البصر منها ولا ملازمة بين الاجتماع في البيت والنظر.

واحتجوا أيضًا بالحديث الصحيح في مضيّ رسول الله إلى النساء في يوم العيد عند الخطبة فذكرهنّ ومعه بلال فأمرهنّ بالصدقة، وقد تقدم (٣).

ويجاب أيضًا بأن ذلك لا يستلزم النظر منهن إليهما لإمكان سماع الموعظة ودفع الصدقة مع غضّ البصر.

وقد جمع أبو داود (٤) بين الأحاديث فجعل حديث أمّ سلمة (٥) مختصًا بأزواج النبي . وحديث فاطمة (٢) وما في معناه لجميع النساء.

قال الحافظ في التلخيص (٦): قلت: وهذا جمع حسن وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا، انتهى.

وجمع في الفتح (٧) بأن الأمر بالاحتجاب من ابن أمّ مكتوم لعله لكون الأعمى مظنة أن ينكشف منه شيء ولا يشعر به فلا يستلزم عدم جواز النظر مطلقًا.

قال: ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء، فَدَلَّ على مغايرة الحكم بين الطائفتين، وبهذا احتجّ الغزالي (٨).


(١) في "الفتح" (١/ ٥٥٠).
(٢) أحمد (٦/ ٤١٢) والبخاري رقم (٥٣٢١، ٥٣٢٢) ومسلم رقم (٣٦/ ١٤٨٠).
(٣) تقدم برقم (٢٤٩٨) من كتابنا هذا.
(٤) في سننه رقم (٤/ ٣٦٢).
(٥) تقدم برقم (٣٥/ ٢٦٥٥) من كتابنا هذا.
(٦) (٣/ ٣٠٩).
(٧) (٩/ ٣٣٧).
(٨) في الوسيط (٥/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>