للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الباب عن عائشة عند مالك في الموطأ (١): "أنها احتجبت من أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك، قالت: لكني أنظر إليه".

وقد استدلّ بحديث أمّ سلمة هذا من قال: إنه يحرم على المرأة نظر الرجل كما يحرم على الرجل نظر المرأة، وهو أحد قولي الشافعي (٢) وأحمد (٣) والهادوية (٤). قال النووي (٥): وهو الأصحّ [للحديث] (٦)، ولقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ (٧)، ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهنّ النظر إلى النوع الآخر قياسًا على الرجال.

ويحققه أن المعنى المحرّم للنظر هو خوف الفتنة، وهذا في المرأة أبلغ فإنها أشدّ شهوة وأقلّ عقلًا، فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجل.

واحتجّ من قال بالجواز فيما عدا ما بين سرّته وركبته بحديث عائشة (٨) المذكور في الباب.

ويجاب عنه بأنها كانت يومئذٍ غير مكلفة على ما تقضي به العبارة المذكورة في الباب، ويؤيد هذا احتجابها من الأعمى كما تقدم.

وقد جزم النووي (٩) بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان ذلك قبل الحجاب.


(١) ذكره الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٣٠٩).
(٢) البيان للعمراني (٩/ ١٢٦).
(٣) المغني (٩/ ٥٠٦) فقد قال: "فصل: فأما نظرُ المرأة إلى الرجل، ففيه روايتان:
(إحداهما): لها النظر إلى ما ليس بعورة.
(والأخرى): لا يجوز لها النظر من الرجل إلّا إلى مِثلِ ما ينظرُ إليه منها. اختاره أبو بكر، وهذا أحدُ قولي الشافعي - للحديث المتقدم برقم (٣٥/ ٢٦٥٥) من كتابنا هذا - ولأن الله تعالى أمر النساءَ بغضِّ أبصارهنَّ، كما أمر الرجالَ به، .. ولنا قول النبي لفاطمة بنت قيس: "اعتدي في بيت ابن أمِّ مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابكِ فلا يراكِ" متفق عليه. ولحديث عائشة المتقدم برقم (٣٦/ ٢٦٥٦) من كتابنا هذا. ويوم فرغ النبي من خُطبة العيد، مضى إلى النساء فذكَّرهُنَّ ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة؛ ولأنهن لو منعن النظر، لوجبَ على الرجال الحجاب، كما وجب على النساء، لئلا ينظرن إليهم … ". اهـ.
(٤) البحر الزخار (٤/ ٣٧٩).
(٥) روضة الطالبين (٧/ ٢٥).
(٦) زيادة من المخطوط (ب).
(٧) سورة النور، الآية: (٣١).
(٨) تقدم برقم (٣٦/ ٢٦٥٦) من كتابنا هذا.
(٩) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>