للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليتيمة، لما وقع في الرواية الأخرى من حديثه: "واليتيمةُ تُستأمر" فيُحملُ المطلق على المقيَّد.

وأجيب بأنَّ اليتيمة هي البكر، وأيضًا الروايات الواردة بلفظ: تُستأمر وتُستأذن، بضمّ أوّله هي تفيد مفاد قوله: "يستأمرها أبوها" وزيادة لأنه يدخل فيه الأب وغيره فلا تعارض بين الروايات.

ومما يؤيد ما ذهب إليه الأوَّلون حديث ابن عباس (١) المذكور: "أن جارية بكرًا … إلخ"، وأما الثيب فلا بد من رضاها من غير فرق بين أن يكون الذي زوّجها هو الأب أو غيره.

وقد حكى في البحر (٢) الإجماع على اعتبار رضاها.

وحكى أيضًا الإجماع على أنَّه لا بدَّ من تصريحها بالرِّضا بنطقٍ أو ما في حكمه.

والظاهر أن استئذان الثيب والبكر شرط في صحة العقد لردّه لنكاح خنساء بنت خدام (٣) كما في الحديث المذكور، وكذلك تخييره للجارية كما في حديث ابن عباس المذكور (١)، وكذلك حديث ابن عمر (٤) المذكور أيضًا.

ويدلّ على ذلك أيضًا حديث أبي هريرة (٥) المذكور لما فيه من النهي.

وظاهر قوله: "الثيب أحقُّ بنفسها" أنَّه لا فَرْقَ بين الصغيرة والكبيرة، وبين من زالت بكارتها بوطءٍ حلالٍ أو حرامٍ.

وخالف في ذلك أبو حنيفة (٦)، فقال: هي كالبكر، واحتجَّ بأنَّ علَّة الاكتفاء بسكوت البكر هي الحياء، وهو باقٍ فيمن زالت بكارتها بزنا، لأن المسألة مفروضة فيمن لم تتّخذ الزنا دَيْدَنًا وعادةً.

وأجيب: بأنَّ الحديثَ نصٌّ على أن الحياء يتعلَّق بالبكر، وقابلها بالثيِّب فدلَّ على أن حكمها مختلفٌ، وهذه ثيبٌ لغةً وشرعًا، وأما بقاء حيائها كالبكر فممنوع.


(١) تقدم برقم (٢٦٦٧) من كتابنا هذا.
(٢) البحر الزخار (٣/ ٢٨).
(٣) تقدم برقم (٢٦٦٢) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (٢٦٦٨) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (٢٦٦٣) من كتابنا هذا.
(٦) المبسوط (٣/ ٩ - ١٠) والبناية في شرح الهداية (٤/ ٥٩١ - ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>