للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الترمذي (١): "والعملُ على هذا عندَ أهلِ العلمِ من أصحابِ النبيّ ، ومن بعدهُم من التابعين وغيرهم.

قالوا: "لا نكاحَ إلا بشهودٍ" لم يختلِفُوا في ذلكَ من مضى منهم، إلا قوم من المتأخرينَ من أهل العلم.

وإنما اختلفَ أهلُ العلمِ في هذا إذا شهِدَ واحِدٌ بعدَ واحِدٍ، فقالَ أكثر أهل العلمِ من الكوفةِ وغيرهم: لا يجوزُ النِّكاحُ حتى يشهدَ الشاهدانِ معًا عند عُقْدَةِ النِّكاح، وقد روى بعضُ أهل المدينة: إذا شهد واحدٌ بعدَ واحدٍ، فإنه جائز إذا أعلنوا ذلك، وهو قول مالك بن أنس (٢) وغيره.

وقال بعضُ أهلِ العلمِ: يجوزُ شهادةُ رجلٍ وامرأتين في النِّكاح وهو قول أحمد وإسحاق". انتهى كلام الترمذي.

وحكى في البحر (٣) عن ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن مهدي وداود (٤) أنه لا يعتبر الإشهاد.

وحكى أيضًا (٥) عن مالك (٦) أنه يكفي الإعلان بالنكاح.

والحق ما ذهب إليه الأوّلون، لأن أحاديث الباب يقوّي بعضها بعضًا، والنفي في قوله: "لا نكاح" يتوجه إلى الصحة، وذلك يستلزم أن يكون الإشهاد شرطًا لأنه قد استلزم عدمه عدم الصحة وما كان كذلك فهو شرط.

واختلفوا في اعتبار العدالة في شهود النِّكاح؛ فذهبت القاسمية (٧) والشافعي (٨) إلى أنها تعتبر.


(١) في السنن (٣/ ٤١٢).
(٢) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٢/ ٥٧٢ - ٥٧٣).
(٣) البحر الزخار (٣/ ٢٧).
وقال العمراني في "البيان" (٩/ ٢٢١): "وقال ابن عمر، وابنُ الزبير، وعبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، وداودُ، وأهل الظاهر: (لا يفتقرُ النِّكاح إلى الشهادة)، وبه قال مالكٌ، إلا أنَّهُ قال: "من شرطهِ أَنْ لا يتواصَوا بكتمانه، فإن تواصَوا على كتمانه .. لم يصحَّ النِّكاحُ وإنْ حضَرهُ شهود وبه قال الزهري".
(٤) المحلى (٩/ ٤٦٥).
(٥) أي في البحر الزخار (٣/ ٢٧).
(٦) عيون المجالس (٣/ ١٠٤٩).
(٧) البحر الزخار (٣/ ٢٧).
(٨) البيان للعمراني (٩/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>