للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرواية الأولى من حديث الباب تدل على أنه مسح مقدم رأسه مسحًا مستقلًا، ومؤخره كذلك، لأن المسح مرة واحدة لا بد فيه من تحريك شعر أحد الجانبين، ووقع في نسخة من الكتاب مكان فوق فرق، وفي سنن أبي داود "ثلاث نسخ هاتان والثالثة قرن" والرواية الثانية من حديث الباب تدل على أن المسح مرتان، وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد (١) هذا، وتدل على البداءة بمؤخر الرأس، وقد تقدم الكلام على الخلاف في صفته في حديث أول الباب.

قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهذه الرواية محمولة على الرواية بالمعنى عند من يسمى الفعل بما ينتهي إليه كأنه حمل قوله: ما أقبل وما أدبر على الابتداء بمؤخر الرأس فأداها بمعناها عنده وإن لم يكن كذلك (٢)، قال: ذكر معناه ابن العربي (٣)، ويمكن أن يكون النبي فعل هذا لبيان الجواز مرة، وكانت مواظبته على البداءة بمقدم الرأس، وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل، والبداءة [بمؤخر] (٤) الرأس محكية عن الحسن بن حيي ووكيع بن الجراح، قال أبو عمر بن عبد البر (٥): "قد توهم بعض الناس في حديث عبد الله بن زيد في قوله: ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، أنه بدأ بمؤخر رأسه، وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر، وهذه ظنون لا تصح. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه، ولا يصح". وأصح حديث في هذا الباب حديث عبد الله بن زيد. والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره انتهى.


(١) في الباب الرابع عشر عند الحديث رقم (٢٩/ ١٩١) من كتابنا هذا.
(٢) قال أبو الأشبال في شرحه وتحقيقه (الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي) (١/ ٤٨ - ٤٩): "حديث الربيع حديث صحيح، وإنما اقتصر الترمذي على تحسينه ذهابًا منه إلى أنه يعارض حديث عبد الله بن زيد، ولكنهما عن حادثتين مختلفتين، فلا تعارض بينهما حتى يحتاج إلى الترجيح، فكان النبي يبدأ بمقدم الرأس، وكان يبدأ بمؤخره، وكل جائز" اهـ.
(٣) في عارضة الأحوذي (١/ ٥١ - ٥٢).
(٤) في (جـ): (بمقدم) وهو خطأ.
(٥) في "التمهيد" (٢٠/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>