للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويمكن الجمعُ: بأنَّه أراد إعادةَ النهي ليشيع ويسمعه من لم يسمعه قبل ذلك.

ولكنَّه يعكر على ما في حديث سبرة من التحريم المؤبَّد ما أخرجه مُسلم (١) وغيره عن جابر قال: كنا نستمتعُ بالقبضة من الدقيق والتمر الأيام على عهد رسول الله وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر حتى نهانا عنها عمر، في شأن حديث عمرو بن حريث، فإنه يبعد كلَّ البعد أن يجهل جَمْعٌ من الصحابة النهيَ المؤبَّد الصَّادر عنه في جَمْعٍ كبيرٍ من الناس ثم يستمرُّون على ذلك حياته وبعد موته حتى ينهاهم عنها عمر.

وقد أجيبَ عن حديث جابر هذا: بأنهم فَعَلُوا ذلك في زمن رسول الله ثم لم يبلغه النسخ حتى نهى عنها عمر، واعتقد أن الناسَ باقون على ذلك لعدم النَّاقل، وكذلك يُحْمَلُ فِعْلُ نجيره من الصَّحابة، ولذا ساغ لعمر أن ينهى ولهم الموافقة.

وهذا الجواب وإن كان لا يخلو عن تعسفٍ، ولكنَّه أوجب المصيرَ إليه حديثُ سبرة الصحيح المصرِّح بالتحريم المؤبد.

وعلى كل حال فنحن متعبِّدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صحَّ لنا عنه التحريم المؤبَّد، ومخالفةُ طائفةٍ من الصحابة له غيرُ [قادحةٍ] (٢) في حجِّيته ولا قائم لنا بالمعذرة عن العمل به.

كيف والجمهورُ من الصَّحابة قد حفظوا التحريمَ، وعملوا به، ورووه لنا، حتى قال ابن عمر فيما أخرجه عنه ابن ماجه (٣) بإسناد صحيح: "إنَّ رسولَ الله


= - فينتج لنا أن الذين رووه عن الربيع بن سبرة بذكر توقيت (عام الفتح) هم: عمارة بن غزية، وعبد الملك بن الربيع، وعبد العزيز بن الربيع، والزهري (في رواية) وأبو إسحاق السبيعي، وعمرو بن الحارث.
(١) في صحيحه رقم (١٦/ ١٤٠٥).
(٢) في المخطوط (ب): (قادح).
(٣) في السنن رقم (١٩٦٣).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ١٠٨): "هذا إسناد فيه مقال: أبو بكر بن حفص اسمه إسماعيل الأيلي، ذكره ابن حبان في "الثقات" (٨/ ١٠٢).
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: كتبت عنه وعن أبيه وكان أبوه يكذب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>