للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أيَّدوا هذا التأويل البعيد بما أخرجه البيهقي (١) من حديث [أميمة بنت رزيبة] (٢) عن أمها: "أن النبيّ أعتق صفية وخطبها وتزوّجها وأمهرها [رزيبة] (٣) وكان أتي بها سبية من بني قريظة والنضير".

قال الحافظ (٤): وهذا لا يقوم به حجة لضعف إسناده، ويعارضه ما أخرجه الطبراني (٥) وأبو الشيخ من حديث صفية نفسها قالت: "أعتقني النبي وجعل عتقي صداقي".

قال الحافظ (٤): وهذا موافق لحديث أنس (٦). وفيه ردّ على من قال: إن أنسًا قال ذلك بناء على ما ظنه.

(ومنها): أنه يحتمل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر، فلزمها الوفاء بذلك ويكون خاصًّا به ، ولا يخفى أن هذا تعسف لا ملجئ إليه.

(ومنها): ما قاله ابن الصلاح (٧) من أن العتق حلّ محلّ المهر وليس بمهر. قال: وهذا كقولهم: "الجوع زاد من لا زاد له"، وجعل هذا أقرب الوجوه إلى لفظ الحديث، وتبعه النووي (٨).

والحامل لمن خالف الحديث على هذه التآويل ظنُّ مخالفته للقياس، قالوا: لأنَّ العقد إما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض حكم الحرية والرقّ أو بعده، وذلك غير لازم لها.

وأجيب بأن العقد يكون بعد العتق، فإذا وقع منها الامتناع لزمتها السعاية بقيمتها ولا محذور في ذلك.


(١) في السنن الكبرى (٧/ ١٢٨ - ١٢٩) وفي معرفة السنن والآثار (١٠/ ٦٣ رقم ١٣٦٧٦).
(٢) في المخطوط (ب): (أميمة ويقال: أمة الله بنت رزينة) وفي المرجعين السابقين. والمثبت من المخطوط (أ).
(٣) في حاشية المخطوط (أ) ما نصه: (نقله ابن الصلاح عن السهيلي بالراء المهملة ثم الزاي المعجمة).
(٤) في "الفتح" (٩/ ١٢٩).
(٥) في الأوسط رقم (٤٩٥٣).
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٨٢) وقال: "رجاله ثقات".
(٦) المتقدم رقم (٢٧١٨) من كتابنا هذا.
(٧) حكاه عنه الحافظ في الفتح (٩/ ١٢٩).
(٨) في شرحه لصحيح مسلم (٩/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>