للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صالح (١) فقالوا: إذا أعتق أمته على أن يجعل عتقها صداقها صحّ العقد والعتق والمهر.

وذهب من عدا هؤلاء إلى أنه لا يصح أن يكون العتق مهرًا، ولم يحكِ هذا القول في البحر (٢) إلا عن مالك (٣) وابن شبرمة.

وحكى (٤) في موضع آخر عن أبي حنيفة ومحمد أنها تستحقّ مهر المثل لأنها قد صارت حرّة فلا يستباح وطؤها إلا بالمهر (٥).

وحكى بعضهم عدم صحة جعل العتق مهرًا عن الجمهور (٦).

وأجابوا عن ظاهر الحديث بأجوبة ذكرها في فتح الباري (٧):

(منها): أنَّه أعتقها بشرط أن يتزوَّجها فوجب له عليها قيمتها، وكانت معلومةً فتزوَّجها بها، ولكنه لا يخفى: أنَّ ظاهر الروايات: أنَّه جعل المهر نفس العتق، لا قيمة المعتقة.

(ومنها): أنَّه جعل نفس العتق مهرًا، ولكنَّه من خصائصه. ويجاب عنه؛ بأنَّ دعوى الاختصاص تفتقر إلى دليلٍ.

(ومنها): أنَّ معنى قوله: "أعتقها وتزوَّجها" أنَّه أعتقها ثم تزوَّجها، ولم يعلم أنَّه ساق لها صداقًا، فقال: "أصدقها نفسها"، أي: لم يصدقها شيئًا فيما أعلم، ولم ينف نفس الصداق.

ويجاب بأنَّه يبعد أن يأتي الصحابيُّ الجليل بمثل هذه العبارة في مقام التبليغ ويكون مريدًا لما ذكرتم، فإنَّ هذا لو صحَّ لكان من باب الإلغاز والتعمية.


(١) حكاه عنه صاحب بدائع الصنائع (٢/ ٢٤٢).
(٢) البحر الزخار (٣/ ١١٠).
(٣) عيون المجالس (٣/ ١٠٥٤ رقم ٧٤٨).
(٤) أي الإمام المهدي في البحر الزخار (٣/ ١١٠).
(٥) قال النووي في شرح صحيح مسلم (٩/ ٢٢١ - ٢٢٢): " .. وأصحهما وبه قال جمهور أصحابنا - أي الشافعية - لا يصح الصداق بل يصح النكاح ويجب لها مهر المثل.
وقال سعيد بن المسيب والحسن والنخعي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق: يجوز أن يعتقها على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها، ويلزمها ذلك ويصح الصداق على ظاهر لفظ هذا الحديث … ". اهـ.
(٦) حكاه الحافظ في "الفتح" (٩/ ١٢٩).
(٧) (٩/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>