للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السبكي (١): والمنقول من فعل النبي أنها بعد الدخول، انتهى.

وفي حديث أنس عند البخاري (٢) وغيره التصريح بأنها بعد الدخول لقوله: "أصبح عروسًا بزينب فدعا القوم".

قوله: (ولو بشاة) لو هذه ليست الامتناعية، وإنما هي للتقليل (٣).

وفي الحديث دليلٌ على أن الشاة أقلُّ ما يجزي في الوليمة عن الموسر، ولولا ثبوت أنّه أولم على بعض نسائه بأقل من الشاة لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقلُّ ما يجزئ في الوليمة مطلقًا، ولكنَّ هذا الأمر من خطاب الواحد وفي تناوله لغيره خلافٌ في الأصول معروف.

قال القاضي عياض (٤): وأجمعوا على أنَّه لا حدَّ لأكثر ما يولم به، وأمَّا أقله فكذلك، ومهما تيسر أجزأ، والمستحبُّ أنها على قدر حال الزوج.

قوله: (ما أوْلَم النبيُّ على شيءٍ من نسائه … إلخ)، هذا محمولٌ على ما انتهى إليه علم أنس، أو لما وقع من البركة في وليمتها، حيث أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا من الشاة الواحدة؛ وإلا فالذي يظهر أنه أولم على ميمونة بنت الحارث التي تزوَّجها في عمرة القضية (٥) بمكة، وطلب من أهل مكة أن يحضروا وليمتها فامتنعوا أن يكون ما أولم به عليها أكثر من شاة لوجود التوسعة عليه في تلك الحال، لأنَّ ذلك كان بعد [فتح] (٦) خيبر، وقد وسع الله على المسلمين في فتحها عليهم هكذا في الفتح (٧)، وما ادّعاه من الظهور ممنوع لأن كونه دعا أهل مكة لا يستلزم أن تكون تلك الوليمة بشاة أو بأكثر منها، بل غايته أن يكون فيها طعام كثير يكفي من دعاهم، مع أنه يمكن أن يكون في تلك الحال الطعام الذي دعاهم إليه قليلًا ولكنه يكفي الجميع بتبريكه [عليه] (٦)، فلا تدلّ كثرة


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢٣١).
(٢) في صحيحه رقم (٤٥٦٦).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢٣٥).
(٤) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٤/ ٥٨٨).
(٥) انظر: الإصابة (٨/ ٣٢٢ رقم ١١٧٨٣) والاستيعاب رقم (٥٥٣٣).
(٦) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٧) الفتح (٩/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>