للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في الفتح (١) بعد أن حكى وجوب الإجابة إلى وليمة العرس: إنَّ شرط وجوبها أن يكون الدَّاعي مكلفًا، حرًّا، رشيدًا، وأن لا يخصَّ الأغنياء دون الفقراء، وأن لا يظهر قصد التودُّد لشخصٍ لرغبةٍ فيه أو رهبةٍ منه، وأن يكون الداعي مسلمًا على الأصحّ، وأن يختصَّ باليوم الأوّل على المشهور، وأن لا يُسْبَق، فمن سبق تعينت الإجابة له دون الثاني، وأن لا يكون هناك ما يتأذّى بحضوره من منكر أو غيره، وأن لا يكون له عذر، وسيأتي البحث عن أدلة هذه الأمور إن شاء الله تعالى.

قوله: (دخل سارقًا وخرج مُغِيرًا) بضمِّ الميم، وكسر الغين المعجمة: اسم فاعل من أغار يغير (٢): إذا نهب مال غيره، فكأنه شبه دخوله على الطعام الذي لم يدع إليه بدخول السارق الذي يدخل بغير إرادة المالك لأنه اختفى بين الداخلين، وشبه خروجه بخروج من نهب قومًا وخرج ظاهرًا بعدما أكل، بخلاف الدخول فإنه دخل مختفيًا خوفًا من أن يمنع، وبعد الخروج قد قضى حاجته فلم يبق له حاجة إلى التستر.

قوله: (فإنْ شاء طَعِم) بفتح الطاء وكسر العين، أي: أكل.

قوله: (وإن شاء ترك)، فيه دليلٌ على أن نفس الأكل لا يجب على المدعوِّ في عرسٍ أو غيره، وإنما الواجب الحضور. وصحح النووي (٣) وجوب الأكل ورجحه أهل الظاهر (٤)، ولعلَّ متمسَّكه في الرواية الأخرى من قوله: "وإنْ كان مفطرًا فليطعم".


(١) (٩/ ٢٤٢).
(٢) قال ابن منظور في "اللسان" (٥/ ٣٦): المغير اسم فاعل من أغار يغير إذا نهب، شبَّه دخوله عليهم بدخول السارق وخروجه بمن أغار على قوم ونهبهم.
(٣) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (٩/ ٢٣٦): " … واختلف العلماء في ذلك، والأصح في مذهبنا - أي الشافعية - أنه لا يجب الأكل في وليمة العرس ولا في غيرها، فمن أوجبه اعتمد الرواية الثانية، وتأول الأولى على من كان صائمًا، ومن لم يوجبه اعتمد التصريح بالتخيير في الرواية الأولى، وحمل الأمر في الثانية على الندب.
وإذا قيل بوجوب الأكل فأقله لقمة ولا تلزمه الزيادة لأنه يسمى أكلًا … ". اهـ.
(٤) قال ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٤٥٠): "وفرض على كل من دُعي إلى وليمة أو طعام أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>