للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن تلك الموؤودة الصغرى، فسئل النبي عن ذلك فقال: كذبت اليهود لو أراد الله خلقه لم يستطع رده".

وأخرج نحوه النسائي (١) من حديث أبي هريرة ولكنه يعارض ذلك ما في حديث جذامة المذكور (٢) من تصريحه بأن ذلك الوأد الخفيُّ.

فمن العلماء من جمع بين هذا الحديث وما قبله، فحمل هذا على التنزيه، وهذه طريقة البيهقي.

ومنهم من ضعف حديث جذامة هذا لمعارضته لما هو أكثر منه طرقًا.

قال الحافظ (٣): وهذا دفع للأحاديث الصحيحة بالتوهم، والحديث صحيح لا ريب فيه، والجمع ممكن.

ومنهم من ادّعى أنَّه منسوخٌ وردَّ بعدم معرفة التاريخ.

وقال الطحاوي (٤): يحتمل أن يكون حديث جذامة على وفق ما كان عليه الأمر أوّلًا من موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، ثم أعلمه الله بالحكم، فكذب اليهود فيما كانوا يقولونه وتعقبه ابن رشد وابن العربي (٥) بأن النبيّ لا يحرم شيئًا تبعًا لليهود ثم يصرّح بتكذيبهم فيه.

ومنهم من رجح حديث جذامة (٢) بثبوته في الصحيح وضعف مقابله بالاختلاف في إسناده والاضطراب.

قال الحافظ (٦): وردَّ بأنَّه إنما يقدح في حديث، لا فيما يقوّي بعضه بعضًا، فإنَّه يعمل به، وهو هنا كذلك والجمع ممكن.

ورجح ابن حزم (٧) العمل بحديث جذامة (٢) بأن أحاديث غيرها موافقة لأصل الإباحة وحديثها يدلّ على المنع.

قال (٨): فمن ادَّعى أنَّه أبيح بعد أن منع فعليه البيان. وتعقَّب بأن حديثها


(١) في "عشرة النساء" رقم (١٩٨) بسند حسن.
(٢) تقدم برقم (٢٧٩٣) من كتابنا هذا.
(٣) في "الفتح" (٩/ ٣٠٩).
(٤) في شرح مشكل الآثار (٥/ ١٧٣).
(٥) في "عارضة الأحوذي" (٥/ ٧٧).
(٦) في "الفتح" (٩/ ٣٠٩).
(٧) في المحلى (١٠/ ٧١).
(٨) أي ابن حزم في المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>