للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: أصل الطروق: السُّكون، ومنه: أطرق رأسه، فلمَّا كان الليل يسكن فيه سمى الآتي طارقًا.

قوله: (إذا أطال [أحدكم] (١) الغيبة) فيه إشارة: إلى أن علة النهي إنَّما توجد حينئذٍ، فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلًا نهارًا ويرجع ليلًا لا يتأتى له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة قيد الشارع النهي عن الطروق بالغيبة الطويلة.

والحكمة في النهي عن الطروق: أنَّ المسافر ربما وجد أهله مع الطروق، وعدم شعورهم بالقدوم على غير أهبة من التنظيف والتزيُّن المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما، وقد أشار إلى هذا في الحديث الذي بعده.

وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه (٢) عن ابن عمر قال: "قدم النبيّ من غزوةٍ فقال: "لا تطرقوا النِّساء"، وأرسلَ من يؤذن النَّاس أنهم قادمون".

وأخرج ابن خزيمة (٣) أيضًا من حديث ابن عمر قال: "نهى رسول الله أن يطرق النساء ليلًا، فطرق رجل فوجد مع امرأته ما يكره".

وأخرج (٤) نحوه من حديث ابن عباس وقال: "رجلان فكلاهما وجد مع امرأته رجلًا".

وأخرج أبو عوانة في صحيحه (٥) عن جابر: "أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلًا وعندها امرأة تمشطها فظنها رجلًا، فأشار إليه بالسيف، فلما ذكر للنبي ذلك نهى أن يطرق الرجل أهله ليلًا".

قوله: (حتى ندخل ليلًا) ظاهره المعارضة لما تقدم من النهي عن الطروق ليلًا.

وقد جمع بأنَّ المراد بالليل ههنا: أوَّله، وبالنهي: الدخول في أثنائه فيكون أوّل الليل إلى وقت العشاء مخصصًا من عموم ذلك النهي.


(١) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (أ)، (ب) وأضفتها من نص الحديث.
(٢) كما في "الفتح" (٩/ ٣٤٠). قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (١٤٠١٦).
(٣) كما في "الفتح" (٩/ ٣٤٠ - ٣٤١)، قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (١٤٠١٨).
(٤) كما في "الفتح" (٩/ ٣٤١).
(٥) في مسنده (٥/ ١١٤، ١١٦)، قلت: وأخرجه عبد الرزاق رقم (١٤٠١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>