للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر … إلخ"، وكذلك قوله في الرواية الأخرى: "مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت … إلخ".

قوله: (فَتَغَيَّظَ) قال ابن دقيق العيد (١): تغيظ النبيّ إمَّا لأنَّ المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهرًا، فكان مقتضى الحال التثبت في ذلك، أو لأنَّه كان مقتضى الحال مشاورة النبيّ في ذلك إذا عزم عليه.

قوله: (ثم يمسكها) أي يستمرُّ بها في عصمته حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، وفي رواية للبخاري (٢): "ثمَّ ليدعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت فليطلقها"، قال الشافعي (٣): غير نافعٍ إنَّما روى: "حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها، ثم إن شاء أمسكها وإن شاء طلق" رواهُ يونس بن جبير، وابن سيرين، وسالم. قال الحافظ (٤): وهو كما قال: لكن رواية الزهري عن سالم موافقة لرواية نافع. وقد نبه على ذلك أبو داود (٥)، والزيادة من الثقة مقبولة ولا سيما إذا كان حافظًا.

وقد اختلف في الحكمة في الأمر بالإمساك كذلك، فقال الشافعي (٦): يحتمل أن يكون أراد بذلك: أي بما في رواية نافع أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تامّ ليكون تطليقها وهي تعلم عدّتها [إمَّا بحملٍ أو بحيضٍ] (٧)، أو ليكون تطليقها بعد علمه بالحمل وهو غير جاهل بما صنع أو ليرغب في الحمل إذا انكشفت حاملًا فيمسكها لأجله.

وقيل: الحكمة في ذلك أن لا تصير الرجعة لغرض الطلاق، فإذا أمسكها زمانًا يحلّ له فيه طلاقها ظهرت فائدة الرجعة لأنه قد يطول مقامه معها فيجامعها فيذهب ما في نفسه فيمسكها.

قوله: (قبل أن يمسَّها)، استدلَّ بذلك على أن الطلاق في طهر جامع فيه حرام، وبه صرَّح الجمهور (٨)، وهل يجبر على الرجعة إذا طلقها في طهر وطئها


(١) في إحكام الأحكام" (٤/ ٥٢).
(٢) في صحيحه رقم (٥٢٥١).
(٣) "المعرفة" (١١/ ٣٥ رقم ١٤٦٥٧).
(٤) في "الفتح" (٩/ ٣٤٩).
(٥) في سننه (٢/ ٦٣٧).
(٦) "المعرفة" (١١/ ٣٤ رقم ١٤٦٥٥).
(٧) في المخطوط (ب): (إما تحمل أو تحيض).
(٨) الفتح (٩/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>