للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كقوله لأبي النعمان بن بشير لما أنحل ابنه غلامًا خصه به دون ولده: "أرجعه" (١)، فهذا ردَّ ما لم تصحّ فيه الهبة الجائرة.

(والثالث): الرجعة التي تكون بعد الطلاق.

ولا يخفى أن الاحتمال يوجب سقوط الاستدلال، ولكنَّه يؤيد حمل الرجعة هنا على الرجعة بعد الطلاق ما أخرجه الدارقطني (٢) عن ابن عمر: "أن رجلًا قال: إني طلقت امرأتي البتة وهي حائض، فقال: عصيت ربك وفارقت امرأتك، قال: فإن رسول الله أمر ابن عمر أن يراجع امرأته، قال: إنه أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له، وأنت لم تبق ما ترتجع به امرأتك.

قال الحافظ (٣): وفي هذا السياق ردٌّ على من حمل الرجعة في قصة ابن عمر على المعنى اللغوي، ولكنَّه لا يخفى أن هذا على فرض دلالته على ذلك لا يصلح للاحتجاج به لأن مجرّد فهم ابن عمر لا يكون حجة.

وقد تقرّر: أن معنى الرجعة (٤) لغة أعمُّ من المعنى الاصطلاحي (٥)، ولم يثبت أنه ثبت فيها حقيقة شرعية يتعين المصير إليها.

ومن حجج القائلين بعدم الوقوع أثر ابن عباس المذكور في الباب (٦)، ولا حجة لهم في ذلك لأنَّه قول صحابيٍّ ليس بمرفوع.

ومن جملة ما احتجَّ به القائلون بعدم وقوع الطلاق البدعيِّ ما أخرجه أحمد (٧) وأبو داود (٨) والنسائي (٩) عن ابن عمر بلفظ: "طلق عبد الله بن عمر


(١) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٧٠، ٢٧١) والبخاري رقم (٢٥٨٦) ومسلم رقم (٩/ ١٦٢٣).
(٢) في سننه (٤/ ٧ - ٨ رقم ١٧).
(٣) في "الفتح" (٩/ ٣٥٣).
(٤) القاموس المحيط (ص ٩٣٠ - ٩٣١) والنهاية (١/ ٦٣٨ - ٦٣٩).
(٥) الرجعة في الطلاق، وهي استدامة القائم في العدة، وهو ملك النكاح. التعريفات للجرجاني (ص ١١٤).
(٦) تقدم برقم (٢٨٤٨) من كتابنا هذا، وإسناده ضعيف.
(٧) في المسند (٢/ ٨٠ - ٨١).
(٨) في سننه رقم (٢١٨٥).
(٩) في سننه رقم (٣٣٩٢).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>