للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في الفتح (١): وهو متعينٌ، وهو أولى من تغليط بعض الثقات، وقد رجح ما ذهب إليه من قال بعدم الوقوع بمرجحات منها قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ (٢)، والمطلق في حال الحيض أو الطهر الذي وطئ فيه لم يطلق لتلك العدَّة التي أمر الله بتطليق النِّساء لها كما، صرَّح بذلك الحديث المذكور في الباب.

وقد تقرَّر في الأصول (٣) أن الأمر بالشيء نهي عن ضدّه.

والمنهيُّ عنه نهيًا لذاته، أو لجزئه، أو لوصفه اللازم، يقتضي الفساد، والفاسد لا يثبت حكمه.

(ومنها): قول الله تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (٤)، ولا أقبح من التسريح الذي حرّمه الله.

(ومنها): قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ (٥) ولم يرد إلا المأذون، فدلَّ على أن ما عداه ليس بطلاقٍ لما في هذا التركيب من الصيغة الصالحة للحصر، أعني: تعريف المسند إليه باللام الجنسية (٦).


(١) في الفتح (٩/ ٣٥٤).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٣) ذهب الجمهورُ من أهل الأصول، ومن الحنفية، والشافعية، والمحدِّثين. إلى أن الشيءَ إذا أمِر به كان ذلك الأَمرُ به نهيًا عن الشيء المعيَّنَ المضادِّ له سواءٌ كان الضَّدُّ واحدًا، كما إذا أمره بالإيمان فإنه يكون نهيًا عن الكفر، وإذا أمره بالحركة فإنه يكون نهيًا عن السكون، أو كان الضدُّ متعدّدًا كما إذا أمره بالقيام فإنه يكون نهيًا عن القعود والاضطجاع والسجود وغير ذلك.
[المسودة ص ٤٩، وتيسير التحرير ١/ ٣٦٣ وإرشاد الفحول ص ٣٦٣].
قلت: قيد الأمر بالشيء المعين للاحتراز عن الأمر بشيء غير معين كالواجب المخير، وعن الأمر بشيء في وقت موسع، كالواجب الموسع، فإن الأمر بهما ليس نهيًا عن الضد باتفاق. (انظر: التبصرة ص ٨٩).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٦) (ال) الجنسية، وتسمى (لام الحقيقة) تدخل على المسند إليه لأغراض أربعة:
١ - للإشارة إلى الحقيقة من حيث هي، بقطع النظر عن عمومها وخصوصها. نحو: الإنسان حيوان ناطق، وتسمى (لام الجنس) لأن إشارة فيه إلى نفس الجنس، بقطع النظر عن الأفراد نحو: الذهب أثمن من الفضة.
٢ - للإشارة إلى الحقيقة في ضمن فرد مبهم، إذا قامت القرينة على ذلك، كقوله تعالى: =

<<  <  ج: ص:  >  >>