للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حكى البيهقي (١) عن الشافعي نحو ذلك.

ويجاب: بأنَّ أبا الزبير غير مدفوعٍ في الحفظ والعدالة، وإنما يخشى من تدليسه، فإذا قال: سمعت أو حدثني زال ذلك، وقد صرَّح هنا بالسماع وليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير حتى يصار إلى الترجيح، ويقال: قد خالفه الأكثر، بل غاية ما هناك الأمر بالمراجعة على فرض استلزامه لوقوع الطلاق وقد عرفت اندفاع ذلك على أنه لو سلم ذلك الاستلزام لم يصلح لمعارضة النصّ الصريح، أعني "ولم يرها شيئًا" على أنه يؤيد رواية أبي الزبير ما أخرجه سعيد بن منصور (٢) من طريق عبد الله بن مالك عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال رسول الله : "ليس ذلك بشيء".

وقد روى ابن حزم في المحلى (٣) بسنده المتصل إلى ابن عمر من طريق عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: "أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض: لا يعتدّ بذلك" وهذا إسناد صحيح.

وروى ابن عبد البر (٤) عن الشعبي أنه قال: "إذا طلق امرأته وهي حائض لم يعتدّ بها" في قول ابن عمر.

وقد روى زيادة أبي الزبير: الحميديُّ في الجمع بين الصحيحين (٥)، وقد التزم أن لا يذكر فيه إلا ما كان صحيحًا على شرطهما.

وقال ابن عبد البرّ في التمهيد (٦): إنه تابع أبا الزبير على ذلك أربعة: عبد الله بن عمر، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ويحيى بن سليم، وإبراهيم بن أبي حسنة، ولا شكّ أن رواية عدم الاعتداد بتلك الطلقة أرجح من رواية الاعتداد المتقدمة، فإذا صرنا إلى الترجيح بناء على تعذّر الجمع فرواية عدم الاعتداد أرجح لما سلف.

ويمكن أن يجمع بما ذكره ابن عبد البرّ ومن معه كما تقدم.


(١) في "المعرفة" (١١/ ٢٨ رقم ١٤٦٣١ و ١٤٦٣٢).
(٢) في سنن سعيد بن منصور (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩ رقم ١٥٥٢).
(٣) في المحلى (١٠/ ١٦٥).
(٤) في "التمهيد" (١١/ ٢٥١ - الفاروق).
(٥) (٢/ ١٨٠).
(٦) التمهيد (١١/ ٢٥١ - ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>