للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النووي (١): إنَّهُ أصحُّ الأجوبة، ولا يخفى أن من جاء بلفظٍ يحتمل التأكيد وادَّعى أنَّه نواه، يصدَّق في دعواه ولو في آخر الدَّهر، فكيف بزمنِ خير القرون ومن يليهم! وإن جاء بلفظ لا يحتمل التأكيد لم يصدّق إذا ادّعى التأكيد من غير فرق بين عصر وعصر.

ويجاب عن كلام أحمد المذكور: بأنَّ المخالفين لطاوس من أصحاب ابن عباس إنما نقلوا عن ابن عباس رأيه، وطاوس نقل عنه روايته فلا مخالفة.

وأما ما قاله ابن المنذر من أنه لا يظنّ بابن عباس أن يحفظ عن النبيّ شيئًا ويفتي بخلافه.

فيجاب عنه بأن الاحتمالات المسوّغة لترك الرواية والعدول إلى الرأي كثيرة.

(منها) النسيان.

(ومنها) قيام دليل عند الراوي لم يبلغنا، ونحن متعبدون بما بلغنا دون ما لم يبلغ.

وبمثل هذا يجاب عن كلام أبي داود المذكور.

ومن الأجوبة عن حديث ابن عباس المذكور ما نقله البيهقي (٢) عن الشافعي أنه قال: يشبه أن يكون ابن عباس علم شيئًا نُسِخ.

ويجاب بأن النسخ إن كان بدليل من كتاب أو سنة، فما هو؟ وإن كان بالإجماع، فأين هو؟ على أنه يبعد أن يستمرّ الناس أيام أبي بكر وبعض أيام عمر على أمر منسوخ، وإن كان الناسخ قول عمر المذكور فحاشاه أن ينسخ سنة ثابتة بمحض رأيه، وحاشا أصحاب رسول الله أن يجيبوه إلى ذلك.

ومن الأجوبة دعوى الاضطراب كما زعمه القرطبي في المفهم (٣)، وهو زعم فاسد لا وجه له.

(ومنها): ما قاله ابن العربي (٤): إن هذا حديث مختلف في صحته، فكيف


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ٧١).
(٢) في "المعرفة" (١١/ ٣٨ رقم ١٤٦٧٢).
(٣) في "المفهم" (٤/ ٢٤١).
(٤) كما في "الفتح" (٩/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>