للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّجل الذي خطب بحضرته فإنه أنكر عليه الجمع بين الضميرين وأرشده إلى أن يقول: (ومن يعص الله ورسوله)، فدلَّ على أن توسيط الواو بين الله ورسوله، له حكم غير حكم قوله: "ومن يعصهما"، ولو كانت الواو لمطلق الجمع لم يكن بين العبارتين فرق.

وقد قدَّمنا الكلام على علة هذا النهي عند الكلام على حديث ابن مسعود في باب اشتمال الخطبة على حمد الله [من أبواب الجمعة (١)] (٢)، هذا ما ظهر في بيان وجه استدلال المصنِّف بحديثي المشيئة وحديث الخطبة.

ويمكن أن يكون مراد المصنِّف بإيراد الأحاديث المذكورة مجرَّد التنظير لا الاستدلال، وقد قدمنا: أن الطلاق المتعدِّد سواءٌ كان بلفظٍ واحدٍ، أو ألفاظٍ من غير فرق بين أن يكون العطف بثم أو بالواو أو بغيرهما يكون طلقةً واحدةً، سواءٌ كانت الزوجةُ مدخولة أو غير مدخولة.

وأورد حديث أبي هريرة للاستدلال به على أن من طلق زوجته بقلبه ولم يلفظ بلسانه لم يكن لذلك حكم الطلاق.

لأنَّ خطرات القلب مغفورةٌ للعباد إذا كانت فيما فيه ذنب، فكذلك لا يلزم حكمًا في الأمور المباحة، فلا يكون حكم خطور الطلاق بالقلب أو إرادته حكم التلفظ به، وهكذا سائر الإنشاءات.

قال الترمذي (٣) بعد إخراج هذا الحديث ما لفظه: والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدَّث نفسه بالطلاق لم يكن شيء حتى يتكلم به، انتهى.

وحكى في البحر (٤) عن عكرمة أنه يقع بمجرد النية.

* * *


(١) الباب العاشر عند الحديث رقم (٥٨/ ١٢٣٦) من كتابنا هذا.
(٢) في المخطوط (ب): (من باب أبواب الجمعة).
(٣) في السنن (٣/ ٤٨٩).
(٤) البحر الزخار (٢/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>