للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث عائشة المذكور (١) نص في ذلك، فإنَّ النزاع بين عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة.

وقد ذهب الجمهور (٢) إلى أنَّه لا يعتبر في ثبوت فراش الأمة الدعوة.

وروي عن أبي حنيفة والثوري وهو مذهب الهادوية (٣): أن الأمة لا يثبت فراشها إلا بدعوة الولد، ولا يكفي الإقرار بالوطء فإن لم يدّعه كان ملكًا له.

وأجيب: بأنَّ النبي ألحق ولد زمعة به ولم يستفصل هل ادعاه زمعة أم لا؟ بل جعل العلة في الإلحاق أنه صاحب الفراش.

وأما قولهم: إنه لم يلحقه بعبد بن زمعة على أنه أخ له. وإنما جعله مملوكًا له كما في قوله: "هو لك يا عبد بن زمعة" واللام للتمليك.

ويؤيد ذلك ما في آخر الحديث من أمره لسودة بالاحتجاب منه، ولو كان أخًا لها لم تؤمر بالاحتجاب منه، ووقع في رواية (٤): "احتجبي منه فإنه ليس بأخ لك"، فقد أجيب عنه: بأن اللام في قوله : "هو لك" للاختصاص لا للتمليك.

ويؤيد ذلك ما في الرواية الأخرى المذكورة (٥) بلفظ: "هو أخوك يا عبد"، وبأن أمره لسودة بالاحتجاب على سبيل الاحتياط والورع والصيانة لأمهات المؤمنين لما رآه من الشبه بعتبة بن أبي وقاص كما في حديث: "كيف وقد قيل" (٦).

قال ابن القيم (٧) بعد ذكر هذا الجواب: "أو يكون مراعاة للشيئين وإعمالًا للدليلين، فإن الفراش دليل لحوق النسب، والشبه بغير صاحبه دليل نفيه، فأعمل


(١) تقدم برقم (٢٩٢٠) من كتابنا هذا.
(٢) زاد المعاد (٥/ ٣٧٢) والفتح (١٢/ ٣٥).
(٣) البحر الزخار (٣/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٥) والدارقطني (٤/ ٢٤٠ رقم ١٣٢) والطحاوي في مشكل الآثار رقم (٤٢٥٥) و (٤٢٥٦) و (٤٢٥٧).
وهو حديث صحيح دون قوله: "فليس لك بأخ".
(٥) عند البخاري رقم (٤٣٠٣) وأبو داود رقم (٢٢٧٣) وقد تقدم.
(٦) أخرج هذه الرواية البخاري رقم (٨٨). وانظر: رقم (٢٩٧٠) من كتابنا هذا.
(٧) في زاد المعاد (٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>