للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أجمع العلماء على ثبوت حد القذف (١).

وأجمعوا أيضًا على أن حده ثمانون جلدة لنص القرآن الكريم بذلك.

واختلفوا هل ينصَّف الحدُّ للعبد أم لا؟ فذهب الأكثر إلى الأوَّل، وذهب ابن مسعود (٢) والليث والزهري والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز (٣) وابن حزم (٤) إلى أنَّه لا ينصَّف؛ لعموم الآية.

وأجاب الأولون: بأنَّ العبد مخصصٌ من ذلك العموم بالقياس على حدِّ الزنا، ويؤيده فعل أكابر الصحابة .

قد تُعُقِّب القياس المذكور: بأنَّ حدَّ الزنا إنَّما نُصِّف في العبد لعدم أهليته لِلْعِفَّة، وحيلولة الملك بينه وبين التحصن بخلاف الحرّ، وبأنَّ القذف حقٌّ لآدمي وهو أغلظ.

واعلم: أنَّه لا فرق بين قاذف الرجل والمرأة في وجوب حدِّ القذف عليه. ولا يُعرف في ذلك خلافٌ بين أهل العلم، وقد نازع الجلال في وجوبه على قاذف الرجل، [واستدل] (٥) على عدم الوجوب بما تقدم عنه في اللعان أنه لم


(١) المغني (١٢/ ٣٨٤) وتكملة المجموع (٢٠/ ٥٣).
(٢) موسوعة فقه الإمام عبد الله بن مسعود (ص ٤١٥).
(٣) قال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ١٨٥): " … أن على العبد إذا قذف نصف ما على الحر ذكرًا كان أو أنثى، وهذا قول الجمهور.
وعن عمر بن عبد العزيز، والزهري، وطائفة يسيرة، والأوزاعي، وأهل الظاهر: حدّه ثمانون. وخالفهم ابن حزم فوافق الجمهور". اهـ.
(٤) بل قول ابن جزم هو قول الجمهور كما تقدم. وانظر: "المحلى" (٢٣٨ - ٢٤١).
• وقال العمراني في "البيان" (١٢/ ٣٩٧): " … وقال عمر بن عبد العزيز: يجبُ على المملوك ثمانون جلدةً. وبه قالَ الزهريُّ، وداودُ، وحُكيَ ذلك عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم". اهـ.
(٥) في حاشية المخطوط (أ) ما نصه: "قد رد المصنف حفظه الله هذا الاستدلال برسالة مستقلة مفيدة" تمت.
• قلت: الرسالة بعنوان "بحث في قاذف الرجل" رقمها (١٥٤) في "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (٩/ ٤٧٣٧ - ٤٧٥٩) بتحقيقي فانظرها فقد أجاد فيها الشوكاني وأفاد كما فعل في كل رسائله.

<<  <  ج: ص:  >  >>